in

كل شيء عن الثقوب السوداء: أنواعها، كيف تتشكل ولماذا هي سوداء

ما هي أنواع الثقوب السوداء

تعتبر الثقوب السوداء من أهم وأكبر المواضيع العلمية الفلكية والفضائية التي تثير فضول الناس وتستهويهم، خاصة بسبب الصورة الشائعة التي التقطها العلماء مؤخرا عن ثقب أسود، وبسبب هذا الخبر أيضا وحسب محرك البحث جوجل، فإن كلمة ” الثقوب السوداء ” ارتفعت نسبة البحث عنها في ذاك الأسبوع إلى نسبة كبيرة مقارنة بباقي الأيام. وربما يطرح القارىء الشغوف أسئلة من مثل: ما هي هذه الثقوب السوداء ؟ ما هي انواع الثقوب السوداء ؟ كيف تتشكل ؟ لماذا هي سوداء …الخ من الأسئلة، والتي سنجيب عنها في هذا المقال بشكل توضيحي ومبسط.



ما هي الثقوب السوداء ؟

الثقوب السوداء أو الثقب الأسود هو عبارة عن جسم فضائي له كتلة معينة، وتكون هذه الكتلة مظغوطة جدا في حجم صغير، والمقصود بذلك أن هذا الجسم يكون أصغر حجما لكن بكتلة أكبر، وكأننا نظغط الشمس في حجم صغير ذو قطر 10 كيلومتر مثلا، أو إذا أخدنا مثالا بكوكب الأرض وجعلنا من هذه الكتلة التي هي بالملايين من الأطنان، في حجم صغير كحجم كرة قدم، فحينها ستصبح الجاذبية المجاورة لهذه الكرة قوية وهائلة لدرجة أن الضوء لا يستطيع الافلات منها، فحينها يسمى هذا الجسم ثقبا أسود.

ما المقصود بأن الضوء لا يفلت منه ؟

كلنا نعلم أن أكبر سرعة في الكون هي سرعة الضوء، والمحددة تقريبا في 300 ألف كيلومتر في الثانية. وما نقصده بأن الضوء لا يستطيع الافلات من جاذبية الثقب الأسود هو أن هذه الجاذبية عالية جدا ونحتاج سرعة أكبر من 300 ألف كيلومتر في الثانية للافلات من هذه الجاذبية، وهذا طبعا أمر مستحيل في الطبيعة.

بعبارة أخرى، ولنأخد مثال عن جاذبية الأرض لتتضح الصورة أكثر؛ نعلم أننا لو أردنا الافلات من الجاذبية الأرضية فعلينا أن نطلق صاروخ فضائي بسرعة تفوق 40 ألف كيلومتر في الساعة (وهي السرعة المطلوبة للافلات من جاذبية الأرض)، يعني إذا ما أطلقنا صاروخا بأقل من هذه السرعة، فستجذبه جاذبية الأرض وسوف يعود إليها.

الآن لنتخيل أننا أردنا إطلاق هذا الصاروخ من على ثقب أسود تُجاه الخروج منه، الواقع أن هذه السرعة صغيرة جدا للافلات من جاذبية الثقب الأسود، بل وحتى أكبر السرعات في الكون والتي هي سرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية، هي سرعة غير مسموحة للافلات من هذه الجاذبية، وبالتالي ولأن سرعة الضوء هي 300 ألف كيلومتر في الثانية، فإن الضوء نفسه لا يستطيع الافلات من هذا الثقب الأسود.



ماهي انواع الثقوب السوداء ؟

وللإجابة على السؤال المرغوب ” ما هي انواع الثقوب السوداء ” فقد اكتشفنا لحد الآن 4 أنواع من الثقوب السوداء، الاثنين الأولين لدينا دلائل واكتشافات على وجودها، أما النوعين الأخيرين فهما موجوديين نظريا، لكننا لم نكتشفهم بعد في كوننا المرئي.

الثقب الأسود النجمي

ما هي أنواع الثقوب السوداء

وهو من النوع الذي ينتج من النجوم، وهذا هو الأشهر وأكثر أنواع الثقوب السوداء الموجودة في الكون، ويتشكل هذا الثقب من النجوم الضخمة (من 5 إلى 100 كتلة شمسية) ويتم ذلك بعد أن تتطور لبضعة ملايين من السنين وبعد أن تنفجر على نفسها (نسميه بالسوبر نوفا) فتُخلّف بذلك في قلبها جسما مظغوط جدا وفي حجم صغير، يصير حينها ثقبا أسود.

الثقب الأسود فائق الكتلة

ما هي أنواع الثقوب السوداء

يتواجد هذا النوع من الثقوب السوداء، أو لنقل لا يتواجد إلا في قلب المجرة، ونعتقد الآن أن معظم المجرات أو حتى كلها، تحوي في قلبها ثقب أسود فائق الكتلة، وكتلته رهيبة جدا إذ تتراوح بين حوالي مليون كتلة شمسية إلى أقصى ما وجدناه حاليا 40 مليار كتلة شمسية. (جسم لا يمكن للعقل البشري أن يتصوره)

وإذا عدنا إلى مفهوم الثقوب السوداء، فهذه الكتلة تكون أيضا مظغوطة في حجم صغير، لكن إذا ما تخيلنا مليون كتلة شمسية فالحجم في هذه الحالة سيبدو ضخما في أعيننا رغم أنه في الأصل صغير عن كتلته، ونتحدث هنا عن قطر بملايين أو حتى ملايير الكيلومترات، وحتى في هذه الحالة تكون جاذبيته قوية وعملاقة، ولا تسمح طبعا للضوء بأن يفلت منها.

يعتبر هذا النوع من الثقوب السوداء، النوع الثاني الذي عُرف أو اشتُهر، ونحن نعرف يقينا أن في قلب مجرتنا، مجرة درب التبانة، أن هناك ثقب أسود فائق الكتلة، إذ تقدر كتلته بحوالي 4 مليون كتلة شمسية.

الكتلة الشمسية هي الوحدة التي نستعملها في علم الفيزياء والفلك لقياس كتلة النجوم والمجرات والثقوب السوداء طبعا.
M = (1.98847±0.00007)×1030 kg

الثقب الأسود متوسط الكتلة

ما هي أنواع الثقوب السوداء

قلنا أن الثقب النجمي تكون كتلته من 5 إلى 100 كتلة شمسية كأقصى حد، وأن الثقب الأسود فائق الكتلة تكون كتلته بالملايين أو الملايير الكتل الشمسية، لكن هذا النوع من الثقوب السوداء، يأتي بين النوعين، أو لنقل أكبر كتلة من النوع الأول وأقل كتلة بكثير من النوع الثاني، ويتشكل هذا النوع من بعد اندماج ثقبين أسودين ببعضهما البعض حيث يصير ثقب أسود واحد، وهو ما قمنا برصده في السنوات الأخرية عن طريق أمواج الجاذبية.

لكن وعلى الرغم من ذلك، تعتبر هذه الدلائل قليلة لإتباث وجود مثل هذه الأنواع من الثقوب السوداء.

الثقب الأسود الابتدائي أو البدائي

وهو نوع من انواع الثقوب السوداء النادرة، يعتقد أنه موجود رغم أننا لم نجد له أثر لحد الآن، ويسمى بالثقب الأسود الابتدائي لأنه يفترض أنه تَشكَّل في بداية الانفجار العظيم لتشكل الكون، إذ يقول الفلكيون أن حجم هذه الثقوب السوداء صغير فلكيا (مترات إلى كيلومترات)، وحتى كتليا، إذ قد تصل كتلته إلى كتلة جبل أو مدينة أو كرة صغيرة …

يقول العلماء أن تشكل هذه الثقوب السوداء جاء خلال التوسع والتضخم للكون، حيث حدثت بعض الانكماشات للزمكان، التي خلّفت وراءها ثقوب سوداء ابتدائية أو بدائية.



كيف نكشف عن الثقوب السوداء ؟

قد يتسائل العديد منا عن الطريقة أو الطرق التي يكتشف بها العلماء الثقوب السوداء، وأسئلة أخرى من مثل؛ كيف نكشفها وهي سوداء والفضاء أسود ؟ كيف نعرف مكانها وهي لا يفلت منها ضوء ولا إشعاع ولا راديو ولا أي شيء ؟

هناك طريقتين لكشف هذه الثقوب السوداء، تكمن الطريقة الأولى في رصد تأثير هذه الثقوب على ما يحدث حولها، فمثلا عندما يسحب ثقب أسود معين، مادة معينة، تزداد درجة حرارة هذه المادة حين وصولها إلى القرص المزود (Accretion disk) وهو نوع من الأقراص الدوارة التي تدور على الثقب الأسود بسبب جاذبيته. فعندما تزداد درجة حرارة هذه المادة المتجهة داخل الثقب الأسود، تتعرض للاشعاع وترسل لنا أشعة سينية بل وحتى أشعة جاما.

الأشعة التي يتم رصدها، لا تأتي من الثقب الأسود، بل من المادة التي تكون في القرص المزود (Accretion disk) للثقب الأسود، وهي بالمناسبة الطريقة التي قمنا بها بالتقاط صورة للثقب الأسود (messier 87) والتي تعتبر أول صورة حقيقية لثقب أسود في تاريخ البشرية.

يعني بصيغة أخرى، عندما نرصد أشعة سينية قادمة من مادة معينة في الكون، فإننا ندرس هذه الأشعة، ومواصفاتها، والطيف القادم منها …الخ، فإذا لاحظنا أن ليس هناك نجم يرسل لنا هذه الأشعة ولا مجرة ولا أي جسم آخر، فحينها نتيقن أنها قادمة من قرص الانجذاب الذي يحيط بالثقب الأسود، وبالتالي نكشف مكان هذا الثقب وكتلته …الخ.

أما الطريقة الثانية فتكمن في الضوء أو الصورة التي تأتينا من نجم أو مجرة أو جسم فضائي معين، بحيث تكون هذه الصورة متكررة أكثر من مرة، فوق، تحت، يمين ويسار، وأحيانا تكون حلقة كاملة من الضوء، ويعود سبب ذلك أن الثقب الأسود يقوم بتحريف الضوء الذي يكون خلفه، وهذا ما كان أتبثه أينشتاين في نظريته للنسبية.

يعني بصيغة أخرى، إذا ما رصدنا أن جسما معينا يظهر لنا بنفس الشكل لأكثر من مرة، أي أربع مرات أو على شكل حلقة، فهذا يعني أن بين هذه الصور أو هذه الأضواء المنحرفة، هناك ثقب أسود، ويمكننا تحديد كتلته أيضا بحساب المسافات التي تبتعد بها هذه الأضواء ببعضها البعض.


هل هناك ثقوب بيضاء ؟

الثقوب البيضاء هي تنبأ، إن لم نقل أنه مجرد تخمين من طرف بعض الفلكيين، بأن في مركز الثقوب السوداء، أو ما يسمى ب(Singularity) وهي منطقة عجيبة لا نستطيع وصفها بالقوانين الفيزيائية، يقول هؤلاء العلماء أن عند الوصول إلى هذه النقطة أو هذا المركز، فإننا سنخرج من زمكان آخر، وهذا الزمكان هو الثقب الأبيض في الجهة الأخرى من النسيج الزمكاني.

يعني في النسيج الزمكاني الآخر، هناك ثقوب بيضاء تقوم بإخراج الأجسام أو النجوم عوض أن تبتلعها كما تفعل الثقوب السوداء، بحيث يمكنك أن تختصر الزمكان وقطع مسافات طويلة من ملايين السنين للوصول إلى منطقة زمكانية معينة بأن تمر فقط عبر ثقب أسود ليخرجك في زمكان آخر عبر ثقب أبيض. وأعتقد أنك سمعت بالثقب الدودي، أي أنه يشبه شكل الدودة والذي يربط بين الثقب الأسود والثقب الأبيض.

طبعا هذه تخمينات وتنبئات نظرية، ولم نكتشف لحد الآن أي وجود لثقب أبيض في مجرتنا ولا في الكون المرئي الذي نعرفه، لكنها تبقى موجودة نظريا، أي بالمعرفة التي توصلنا إليها في الوقت الحالي، وبما قد نتمكن في المستقبل من رصد هذه الثقوب ودراستها هي الأخرى.



أقرب الثقوب السوداء إلينا

ليس هناك ثقوب سوداء قريبة منا أو من مجموعتنا الشمسية، ويقدر أقرب ثقب أسود لنا والمسمى ب (A0620-00) بحوالي 3000 سنة ضوئية، يعني حتى لو كان يتحرك باتجاهنا بسرعة الضوء، فسيحتاج 3000 سنة للوصول إلينا، هذا إذا كان أصلا يتجه نحونا.

أما الثقب الأسود الثاني البعيد عنا، وهو أول ثقب أسود اكتشفناه والمسمى ب(Cygnus X-1) فيبعد عنا حوالي 6000 سنة ضوئية.

جميع الثقوب السوداء التي اكتشفناها هي بعيدة عنا بآلاف السنوات الضوئية ولا يستدعي ذلك أن نخاف من أن يبلعنا ثقب أسود ما، لكن تبقى بعض الأسئلة مطروحة لدى القارىء في ماذا سيحدث لو دخلنا هذا الثقب الأسود يوما ما ؟ أو ماذا سيحصل لو تحولت الشمس إلى ثقب، ولمعرفة الجواب، يمكنك الاطلاع على هذا المقال.


Avatar for فكر حر

كُتب بواسطة فكر حر

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for فكر حر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0