و بدت صهيون كطفل صغير مدلل قليل الأدب يستجدي العالم و يأمر العالم بأن يسايره في حماقاته و ضلالاته و جرائمه اللامسؤولة .. بدت كرب إغريقي فقد عقله .. كإبليس نفسه لا يرى و لا يستطيع أن يرى سوى الانتقام و الدم ليشفي غليلا لا يشفى و يشبع معدة لا تشبع من دم الأبرياء ..
في عالم مصمت قاتم مظلم تتعالى فيه أحيانا هنا و هناك أصوات بعض العقلاء الذين أوشكوا على الانقراض .. يقولون كلمة الحق التي تعتبرها الأغلبية أنها كلمة باطل ..
يلحّ المحتلّ الغاصب القاتل المجرم أنه هو صاحب الحق و أنه هو الضحية وأن المقهور المجوّع المحاصر المغتصب لا يحقّ له حتى أن يئنّ أو يقول آه .. و لو حرّك المسجون ساكنا فيجب على العالم كله أن يساند السّجان القتّال لإسكات صوته إلى الأبد .. و إلا فعلى هذا العالم الذي لا يقف صفا واحدا إلى جانب المجرم ..عليه أن يقدّم الاستقالة كنموذج غوتيرّس! هكذا قال الطفل المدلّل..
هل صهيون تطلب المستحيل ؟ هل تريد ارتكاب جرائم مكتملة الأركان مع سبق إصرار و ترصد و أن يدير العالم كله الظهر كأنه لم ير شيئا و لم يحدث شيء ؟ ! هذا هو بالضبط ما تريد و ما تطلب في أرقى مؤسسات العالم كالأمم المتحدة و مجلس الأمن و سائر المنظمات الدولية و الإعلام العالمي .. و حليفتها في الإجرام و الدلال القادمة من وراء البحار الكبرى كانت سباقة في إعطاء الضوء الأخضر و الشد على يد اللص القتال..أليسوا أبناء طينة و عجينة واحدة ؟ أليسوا أبناء نفس الفلسفة الإبادية ؟ قراصنة الأمس أبادوا الهنود الحمر و أسسوا ” الحضارة ” في زعمهم .. و هؤلاء يسيرون على نفس الخطى .. يجب إبادة كل سكان الشرق الأوسط إذن !
المنهوب و المسروق و المعتدى عليه هو سبب كل وجع الرأس الذي يمرّ به المجرم المحترف ! بل إن كونه موجودا على الأرض هو بحد ذاته إشكال و سبب وجيه للقضاء عليه !
هل صهيون تطلب المستحيل ؟
لا بل ذلك الصلف هو عادتها منذ القدم مع الأنبياء و الأولياء .. الجديد هو أن العالم كله اليوم يتفرّج على ذلك و يراه بأم عينيه و كان بعض المثقفين من قبل يقرأونه في القرآن و الإنجيل فقط …
و عندما سئلت تلك الفتاة الصهيونية ذات الثقافة الصلفية في الإذاعة الإسبانية قالت بالحرف الواحد الكاذب المحض أنهم كانوا يعيشون هناك في أرض السمن و العسل في الجنة و في آمن بلاد في العالم طوال عمرهم و أن جدتها كانت تأكل السمن و العسل مع جيرانها الفلسطينيين المستسلمين طوال الحياة و أن المأساة و المصيبة و الإرهاب بدأ مع ظهور حماس سنة 2006 !
هي إما فتاة شديدة الغباء و السطحية و منعدمة الثقافة التاريخية أو شديدة المكر و التمثيل .. تمثيل دور الضحية المسكين الحمل الوديع ..
كان البيت فيه خمس غرف جاء المغتصب اللص المجرم و سيطر على أربع غرف و قتل من فيها و هجّر الباقي و سفك ما سفك طوال أكثر من 70 عام .. و الذين بقوا في الغرفة المتبقية لهم و الأخيرة حاصرهم و منع عنهم الماء و الكهرباء و اللقمة و الهواء .
البيت في الأصل بيتهم ..و الأرض التي بني عليها أرضهم
و لكن المغتصب اللص القاتل المجرم يقول أن الإله أعطاها له بنص التوراة ! في الوقت الذي تعترف فيه ناتوراي كارطا و هي حركة يهودية توراتية بأن اليهود لا يحق لهم أن تكون لهم أرض بنص التوراة أيضا .. فأي الفريقين يتبع التوراة فعليّا ؟!
من هو هذا الإله الذي يأمر بقتل شعب بأكمله و تهجيره من أرضه ليهبها لشعب آخر مختار لديه ؟!
هل هو إله العالمين ؟ أم إله فئة خاصة فقط ؟ هل هو إله حقيقي أم إله مصطنع ؟ هل هو إله نور أم إله ظلام ؟
الغرفة المتبقية صنع فيها المجرم المحتلّ المغتصب منظمة سياسية تابعة له سماها منظمة التحرير الفلسطينية .. تحرير ماذا من ماذا ؟
ربما أرادوا أن يقولوا تحرير محمود عباس من أي مسؤولية حقيقية في تحرير كامل أرض فلسطين و فرض أن تتحول الغرفة الضيقة هي البيت كله .. هي فلسطين !
حماس قالت البيت كله للفلسطينيين و الحل هو طرد المغتصب القاتل الذي يقتل و يكذب و يرتكب الجرائم منذ 1948
القاتل قال بل المجرم هو حماس و مطالبتها هذه هي محض إجرام و إرهاب..
و العالم كله الآن يتبنى رؤية اللص المغتصب و يقول له أن عليه أن يحترم القانون الدولي في اغتصابه ـ أي أن يغتصب و يقتل وفق القانون الدولي .. أي أن يقتل الذين يحاربونه من تلك الغرفة فقط .. لا كل الموجودين فيها !
ربما يأمل القاتل أن يتدمّر الموجودين في الغرفة من الذين يريدون محاربة المحتلّ و يتهمهم بأنهم هم السبب .. و أنهم لولاهم لكنا نعيش في غرفتنا المحتلة المحاصرة المبهدلة في أمان و سلام !
أو أن منظمة تحرير محمود عباس من كل مهامه و التي ترضى بأن تحكم ربع الغرفة بتنسيق مع المغتصب هي الحلّ !
العالم الآن يعيش السفسطة في أعلى قممها بأحاديث و حوارات إعلامية تبرّر همجية المجرم و تعتبره صاحب حق و دولة يكافح ضد “الإرهاب” !
العالم الآن تحت المجهر السماوي و الأرضي .. تتميّز فيه المواقف ..مواقف الدول و مواقف الأفراد .. و يأخذ كل صفّه مع الحق أم مع الباطل ..
مع المغتصِب
الذين يقفون في صف المغتصِب يقولون أن له الحق في أن يدافع عن نفسه! و يعتبرون المغتصَب إرهابيا إلا أن يستسلم و يخضع لرغبات المغتصب السادية المازوخية …إنهم يقفون مع الظلام.
أم مع المغتصَب ؟
ستتميّز الصفوف و ينقسم العالم إلى مع و ضد في هذا الاختبار الشديد و عند الامتحان تعزّ الدول أو تهان ..
و لاشك أن عالم ما بعد 7 أكتوبر ليس هو عالم ما قبلها ..