الكثير من الجزائريات حين يمارسن الجنس ستحتار من أمرهن ، و خير كلام لوصفهم هو قول رشيد بوجدرة : ” أثناء الممارسة ينتظرن إكتمال العملية أو بلوغ الفردوس أو نار جهنم. . ولا شيء من ذلك سيحدث ! ” .
لكل إنسان نظرة خاصة حول الجنس ، فمنهم من يراه المعصية الكبرى ومنهم من يراه الغاية الأولى والأخيرة من هذا الوجود ، و منهم من يراه مس لمعاني الشرف والكمال و منهم من يراه سبب تخلف الأمم و المجتمعات . منهم من يراه فنا يجب تعلمه و إتقانه و منهم من يرى أنه السُّم الذي يقتل المجتمع وخير وسيلة لردعه هي القتل و الإرهاب . شيء معروف أنه كلما ازدادت مكاسب المرء العلمية كلما اتّسعت بصيرته وتغيرت نضرته للأشياء. أما شخص بسيط مثلي ، فأجعل من الجنس صورة مثالية أفلاطونية في عالم المثل و لا أراه إلاّ فكرة و لا أدرسه إلاّ من ناحية موضوعية . الجنس هو عملية لإستنزاف أو تقليل الشهوة قبل أن يكون وسيلة لحفظ النوع و الإستمرارية ثم و في الأخير ممارسة للحب يجب أن تشتمل على معان جمالية حتى يحافظ المرء على قداستها . و هو الحقيقة العارية لكل شاب وشابة سويين لم تُصب فطرتهما أو طبيعتهما بسوء أو إنحراف.
وأول شروط تمام هذه العملية على أكمل وجه هو أن يتقبّل المرء حقيقة أن هناك شيء مسمى شهوة كوجود الأشياء الأخرى مثل الضحك ، القلق ، الإبتسام ، الرعب ، الحب. . وأن يعزز هذه الفكرة في عقله و يدرك أن وراءها شروط يجب أن تتوفر حتى يلتمس المرء المعنى الكامل للجنس . وقد كان ابن عربي مثلا يرى أنه ” من تجلي النكاح ما يحرضه على طلبه و التعشق به . وإنّما يرغب بالنكاح لمجرد الشهوة ، و أن النكاح لمجرد اللّذة نكاح أهل الجنّة ، بل وأضاف أن سبب غياب العلماء عن هذه الحقيقة هو علو مقامها و أن من خصائص الأنبياء أن ينتبهوا لذلك ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إنّ الرجل يجامع أهله فيكتب له بجماعه أجر ولدٍ ذكر قاتل في سبيل الله فقتل ” و لكم أن تتأملوا هذا الحديث النبوي. .
نحن نتفق على وجود الشرط الأول ألا هو النكاح من أجل الشهوة. . أما الشرط الثاني فهو الإدراك الإستاطيقي – الجمالي – لهذه العملية . . يستطيع المرء خصوصا في القرن الواحد و العشرين أن يمارس الجنس مع أيا كان ، أعرف الكثير من النساء ممن يمارسن الجنس فقط من أجل المتعة لا غير ، ولا رأي لي عليهن حيال ذلك . لكن يختلف الأمر بين إحداهن و الأخرى . شيء معروف أنه نهاية كل شيء هي المرأة ، لذلك صورتها معززة في عقولنا ، فالبطل يصارع من أجل توفير مبلغ من المال يسمح له بالزواج ، ثم بممارسة الجنس . الرجل صاحب العمل يعمل طول اليوم لينتهي به الأمر مساءا في منزله منتظرا زوجه أن يلتحق به ، الكثير من الشبان في جامعاتنا لا تتخطى أحاديثهم مواضيع جنسية بل وتلتمس في كلامهم معان و إيحاءات جنسية ، ولا يهمنا هذا الأمر الآن بقدر ما يهمنا إدراك الشرط الثاني لتجلي معنى الجنس أو اكتمال العملية الجنسية .
عرفت الكثير من الحكايات حول قصص جنسية اختبرها جمع من الناس و خير قصة لتوضيح الشرط الثاني ، هو قصة أستاذة كنت أعرفها ، كانت أستاذة بشعة و كانت تمشي في أسوار هذه المدرسة ، و لا تزال المسكينة تظن أنها كائن يستطيع السيطرة على الرجل . دخلت في علاقة عشقية مع أحد المراقبين و استطاع هذا المراقب أن يغريها ببضع كلمات لا تقوى أن تكون أشرف من 100 دينار . كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساءا حين اختلت معه في غرفة داخل المدرسة ، لم أهتم لذلك.
كنت أعلم أنها ستمارس جنسا معه و لن يكون نوع الجنس هذا للتقرب من الله و لن يشتمل على أي قداسة بل لن يقوى أن يكون أكثر من دموع ندم مؤجلة على شكل جنس فموي . عَشِيتُهَا ، أكلمت آخر سطر أكتبه في كراسي ثم خرجت كمن يهرب من حضور مسرحية تُمجِد شيئا أمقته . توالت الأيام. . ورفعت الأقلام وكتبت آلاف السطور وخُطَت الكثير من الذكريات السعيدة أين كان التلاميذ يستمتعون بكل دقيقة داخل هذه المدرسة . لم أرى هذه الأستاذة في المدرسة كثيرا. . كثرت غياباتها ولم يكثر السؤال عن سبب غيابها. . و في أحد الأيام الممطرة مساءا و قبل أن أخرج من المدرسة وجدت إستفسار موضوع وموقع من طرف المديرة فوق الطاولة ، انتابني فضول فرحت أتفحصه ، لا شك أن المديرة وضعته هنا قبيل خروجها . هو إستفسار عن سبب الغياب المستمر لتلك الأستاذة . وضعت الإستفسار في مكانه مجددا و توجهت عائدا إلى منزلي و السؤال الوحيد الذي ضلّ في عقلي هو : لماذا لم تخجل هذه الفتاة من تواجدي يوم اختلت بعشيقها المراقب ، خصوصا وأنها مسلمة ؟ لماذا غلقت باب الغرفة من ورائها أثناء تواجدي ؟ ماذا كنت أمثل بنضرهم أهو دور الرجل الشرير أم أحدب نوتردام ؟.. بعد أن إلتحقت هذه الأستاذة مجددا بمنصب عملها . لاحظ باقي الأساتذة شذوذات في تصرفاتها ، شذوذات لم تكن بالضارة بقدر ما كانت غربية . بعد أول ممارسة جنسية لها -ولا شك في ذلك- راحت النرجسة تتسرب في نفسيتها في غير أماكنها مما انعكس على سلوكاتها ، حركاتها ، كلامها . . بل حتى نكتها ؟ المهم ، كنت أيامها رجلا محتشما ، كثير الصمت ، محافظا بمعنى الكلمة التــام مما جعل باقي الأساتذة يحترمون شخصي. . ولسوء حظ هذه الفتاة راحت تفتح عني مواضيع في أمــاكن كثيرة مذممة وناعتة إياي بالمنافق و النمام وغير ذلك . لم أفهم حقا حينها لماذا أصبحت تلك الأستاذة كارهة لي بعد أن تمتّعت بجنس لا يتخطى حدود عقلها وأنا الذي كنت شاهدا على شرفها صامتا على قلة حيائها !
المهم السبب قد يكون أنها ضحية جوع جنسي أو فشل تام لتمثيل دور شخص نرجسي . إنّ الله صادق صدوق وعلى الإنسان أن يكون صادقا ، الله كذلك حكيم ، و إذا كان الإنسان يسعى وراء منزلة أفضل أو أرقى من غيره وجب عليه طلب الحكمة . الله جميل و مبدع وعلى المرء أن يكون جميلا مبدعا و كما قلت سابقا لو قرأ المرء التاريخ قراءة نقدية للاحظ أنّ الإنسان قد راعى دائما قدرا من الجانب الجمالي الإبداعي في حياته ، سواء في تصميم أدواته أو حُليِه أو حتى ملابسه ، وحقا إني لا أرى أي جانب جمالي إبداعي في ممارسة جنس بين أستاذة و مراقب ثانوية ملتحي بين أسوار مؤسسة تربوية ، خفية .
فالشرط الثاني لا بد أن يشتمل على التفاهم و التناغم و الحوار الجنسي والروحاني ، أو ما يسمى الإستعداد النفسي و العاطفي ، بين المرء و زوجه والذي يكون دافعا لبلوغ الكمال ، لذلك وجب على الرجل على أن لا يتعجّل ولا يسبق زوجه بحركة أو أي كلمة تكون سببا في أن تخرج من هذا الجو النفسي الإلهي بل يجب أن يتقاسما و يتشاركا نفس الموجات و الترددات الجنسية و الروحانية وكذا مقاسمة نفس المتعة و نفس الرغبة بكل كرم و إيــثار عملا بقول النبي الكريم ” لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة ، وليكن بينهما رسول” ، قيل ” وما الرسول يا رسول الله؟”، فقال: ” القبلة والكلام ” . وقد قال أيضا : ” خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي” .
أقول لهذه الفتاة و أتمنى أن تكون تقرأ هذا المقال أنّ الأدب العالمي قام بتأريخ الكثير من التواصلات الجنسية ، مثلا المراهقة البرازيلية و حبيبها أثناء أيام الثانوية ، لوليتا أو أي لقاء مدون بين عشيقين في حديقة أو عند الشاطئ . الجنس هو رغبة جامحة لا نستطيع فهمها ولا يمكن عصيانها ، إنّ حواء بتفجر أنوثتها ، وهيجان غلمتها ، وشغفها لإحتواء الأولاد ، لا تكتفي بالتزلف لآدم بل تلتقيه على جبل عرفات وتدعوه لحراثة فرجها . إنّ حراثة الأرض وحراثة الفرج فعلان دينيان مقدسان . نصّ عليهما القرءان في آياته . وهو شيء موجود كوجود الله لا يمكن نكرانه .
مراجع :
- كتاب – الجنس وأبعاده – علي عبد الحليم حمزة .
- كتاب- جدل القداسة و الإغواء – علي عبد الحليم حمزة .