في قلب رغبتنا الجامحة لفهم العالم الذي نعيش فيه، نسعى باستمرار لإيجاد تفسيرات لما يحدث حولنا. نبحث عن أسباب المرض، الفقر، التغيرات الطبيعية، والتقلبات الاقتصادية، وذلك في محاولة لنسج خيوط الفهم والتحكم في ردة فعلنا تجاه هذه الأحداث. تدفعنا هذه الرغبة إلى خلق نماذج وصلات بين أحداث قد لا تكون مرتبطة فعليًا، معتمدين على الصدفة أو التكرار المكاني والزماني كدليل على وجود علاقة سببية بينها.
على الرغم من أهمية هذا السعي في تطوير العلم وتعميق فهمنا للكون، إلا أنه يمكن أن يقودنا أيضًا إلى الوقوع في فخ السبب الزائف. يحدث ذلك عندما نخطئ في تفسير التصاحب العرضي أو المكاني والزماني كدليل قاطع على السببية. هذا التصور يغذي تكوين النظريات الخاطئة والعلوم الزائفة، مما يقود في بعض الأحيان إلى استنتاجات مضللة قد تؤثر على قراراتنا وتصوراتنا عن العالم. من الضروري إذًا أن نطور قدرتنا على التمييز بين العلاقات السببية الحقيقية وتلك التي هي مجرد نتاج للصدفة أو التقارب المكاني والزماني، حتى نتمكن من تفسير الأحداث بشكل أكثر دقة وعمقًا.
في جوهر البحث العلمي يكمن سعي دؤوب لتتبع العلاقات التجريبية وبناء النظريات التي توضح هذه العلاقات من خلال قوانين ذات ضرورة يمكن التنبؤ بها. ولكن، يصبح الأمر مُضللًا عندما يبدأ العقل بالخلط بين مجرد الارتباط أو الجمع بين حدثين وبين كون أحد الأحداث سببًا للآخر دون دليل قاطع يؤكد هذه العلاقة السببية. الوقوع في هذه المغالطة يعني تفسير العلاقة بين الأحداث بشكل خاطئ معتمدين على مبدأ “مع هذا، إذن بسبب هذا”.
لتأسيس علاقة سببية حقيقية بين حدثين، يتطلب الأمر أكثر من مجرد وجود ارتباط بينهما؛ يحتاج إلى اطراد وارتباط ثابت ومستمر بين الأحداث، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، وغياب أية استثناءات. يمكن لمجرد “المعية” أن تنشأ من عدة أسباب أخرى غير السببية المباشرة: قد تكون نتيجة للصدفة العشوائية، أو قد تنجم عن وجود سبب ثالث يؤثر في كلا الحدثين، مما يؤدي إلى “إغفال سبب مشترك” أو “المعلول المزدوج”. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الاتجاه الحقيقي للسببية عكسيًا لما نتصور، وهو ما يعرف بمغالطة “الاتجاه الخطأ”.
لذا، يظل الحذر والتمييز الدقيق بين الارتباط والسببية ضروريين في البحث العلمي لتجنب الوقوع في مغالطات قد تؤدي إلى استنتاجات مضللة وتفسيرات خاطئة للأحداث المحيطة بنا.
الخلط بين الصدفة والسببية
- تبيّن وجود تقارب شديد بين نسب الوفيات في مدينة حيدر أباد الهندية من عام ١٩١١ إلى ١٩١٩ وبين التحولات في عدد أعضاء جمعية الفيزياء الدولية خلال الفترة ذاتها، ومن غير المعقول تمامًا أن يظن أحد بأن هذا التوازي يعكس أي رابط سببي حقيقي بين الحدثين، بل هو مجرد صدفة عارضة (وغريبة بنفس القدر!).
- تم العثور على ارتباط إحصائي متين بين حجم التمويل المخصص للفنون في بريطانيا وأعداد طيور البطريق في أنتاركتيكا
- كشفت الدراسات عن وجود صلة قوية بين أعداد طائر اللقلق في بعض مناطق أوروبا ومعدل ولادات الأطفال. (من المضحك أن يُستنتج من هذا الارتباط وحده أن وجود طائر اللقلق يؤدي إلى زيادة عدد المواليد!)
تجاهل السبب المشترك
تتشابك الأحداث أحيانًا بطريقة توحي بوجود علاقة سببية بينها، لكن الواقع قد يكشف عن وجود عامل آخر مؤثر يقف وراء كلا الحدثين، مما يؤدي إلى سوء الفهم عند تجاهل هذا السبب المشترك. في العديد من المواقف، يتم الربط بين حدثين كما لو كان أحدهما نتيجة مباشرة للآخر، دون النظر إلى أنهما قد يكونان في الحقيقة نتاجًا لظرف أو عامل ثالث موجود يؤثر عليهما معًا.
(1) قبل نشوب النزاعات، نلاحظ ارتفاعًا في نشاطات التسلح بين الأطراف؛ لذا، قد يُظن أن التسلح هو الذي يقود إلى الحروب. (الواقع أن الصراعات والتوترات بين الدول تنجم عنها كلًا من زيادة التسلح والنزاعات.)
(2) غالبًا ما تتبع الحمى ظهور طفح جلدي. (من الممكن أن يكون الفيروس المسبب للجدري هو العلة وراء كل من الحمى والطفح الجلدي.)
(3) تم رصد توافق بين مبيعات الآيس كريم ومعدلات الحوادث الإجرامية؛ إذًا، تناول الآيس كريم يعزز من فرص ارتكاب الجرائم! (الحقيقة هي أن الارتفاع في درجات الحرارة يؤدي إلى كل من زيادة الضغط النفسي وارتفاع مبيعات الآيس كريم.)
(4) مع تزايد حجم أحذية الأطفال، يُلاحظ تحسُّن في خطوطهم. لذا، يُعتقد أن حجم القدم يلعب دورًا في تحسين الخط. (في الحقيقة، نمو الطفل يؤدي إلى تحسن مهاراته الكتابية بالإضافة إلى زيادة حجم قدميه.)
(5) يتم رصد انخفاض في قراءات البارومتر خلال العواصف؛ إذًا، العواصف تسبب انخفاض قراءة البارومتر. (الحقيقة هي أن انخفاض الضغط الجوي يؤدي إلى كل من العواصف وانخفاض البارومتر.)
(6) تم العثور على نوع محدد من البكتيريا بكثرة في جسم مريض، فاعتبرها الطبيب السبب في المرض، لكن تبين لاحقًا أن هذه البكتيريا غير ضارة وأن السبب الحقيقي للمرض كان فيروسًا، الذي أدى أيضًا إلى تكاثر البكتيريا الثانوية بسبب ضعف الجسم.
(7) مع بداية انتشار التلفاز في دولة ما، تضاعفت جرائم القتل خلال العقد الأول؛ لذا، التلفاز هو السبب في العنف. (في الواقع، انتشار التلفاز يمثل فقط جانبًا واحدًا من التغييرات الاجتماعية الكبرى، التي تشمل التطورات التكنولوجية وتغيير الطبقة الاجتماعية، ومن الخطأ اعتبار التلفاز سببًا مستقلًا.)
(8) تم رصد زيادة في معدلات الإدمان بالتزامن مع تزايد الفقر في بعض الولايات؛ لذا، الفقر هو السبب وراء الإدمان. (الواقع أن التمييز العنصري والاجتماعي الناتج عنه هو ما يؤدي إلى كل من الفقر والإدمان.)
تتجلى خطورة هذه المقاربة السطحية في التفكير في تقديم حلول مبسطة لا تتناول العلل الجذرية للمشكلات، مما ينتج عنه فشل وتبديد للموارد دون معالجة السبب الأساسي المشترك الكامن وراء الظواهر المرصودة.
تبديل الأدوار بين السبب والنتيجة
في بعض الحالات، نرى تبديل الأدوار بين السبب والنتيجة بشكل يقود إلى خطأ في التفكير يُعرف بمغالطة الاتجاه الخطأ. هذا يعني أننا نعتبر النتيجة كأنها السبب لظاهرة ما، والعكس صحيح.
أمثلة:
- يُعتقد أن الزيادة في التوعية الصحية هي التي تقود إلى ارتفاع معدلات الإصابة بمرض الإيدز، بينما الواقع هو أن زيادة حالات الإيدز تدفع المجتمع لزيادة الوعي والتثقيف الصحي للوقاية من المرض.
- قد يُظن أن الفقر هو الذي يتسبب في الإصابة بالأمراض النفسية مثل الفصام، لكن الحقيقة تكمن في أن الإصابة بهذه الأمراض قد تؤدي إلى تراجع الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمصابين، مما يعرف بظاهرة الانحدار الاجتماعي.
- يُربط بين ارتفاع نسبة حيازة الأسلحة وزيادة معدلات الجريمة في منطقة ما، مع الافتراض أن وجود الأسلحة يُفاقم من الجرائم. لكن، في كثير من الأحيان، يكون الناس قد اقتنوا الأسلحة كرد فعل للشعور بعدم الأمان بسبب ارتفاع الجرائم أصلًا.
هذه الأمثلة توضح كيف يمكن للتفكير غير الدقيق أن يقود إلى استنتاجات مغلوطة بخصوص العلاقة بين الأسباب والنتائج، وتُظهر أهمية التمييز الدقيق بينهما لفهم أفضل للظواهر المختلفة.
الخطأ في تحديد السبب: الربط بين ما بعد وما لأجل
التفسير الخاطئ لأحداث متتابعة على أنها ذات علاقة سببية هو خطأ شائع يُطلق عليه “بعد هذا، إذاً بسبب هذا”. قصة الديك الذي ظن أن صياحه هو الذي يُبزغ الفجر مثال كلاسيكي على هذه المغالطة. يعتقد الديك أن بمقدوره استدعاء الصباح بصوته، ولكن في الواقع، الفجر يأتي بغض النظر عن صياحه.
تُعتبر هذه المغالطة بمثابة استنتاج مغلوط يربط بين حدثين متتاليين على أساس مجرد التتابع الزمني، مفترضًا أن الحدث السابق هو سبب الحدث اللاحق. هذا النوع من التفكير يغفل الشروط اللازمة لإثبات العلاقة السببية الحقيقية، والتي تتطلب أكثر من مجرد التتابع الزمني. لكي نُثبت أن حدث “أ” هو سبب لحدث “ب”، يجب أن تكون هناك دلائل على ارتباط دائم ومتواصل بين الحدثين، دون وجود عوامل أخرى قد تفسر هذا التتابع.
الاعتماد على التتابع الزمني فقط كدليل على السببية هو تبسيط مفرط وغير دقيق للعلاقات بين الأحداث. يتجلى هذا النهج في العديد من الخرافات والمعتقدات السحرية، والأساطير، وحتى في بعض الممارسات الطبية الشعبية التي لا تستند إلى أدلة علمية. للوصول إلى فهم أعمق وأكثر دقة للعالم من حولنا، من الضروري تجاوز هذا النوع من التفكير وتبني نهج أكثر تحليلية وموضوعية في تقييم العلاقات بين الأحداث.
في عصر الإغريق، كان يُعتقد بأن الظواهر الطبيعية كالزلازل ناتجة عن أفعال الإنسان، حيث يسعى هيرودوت، على سبيل المثال، لتفسير هذه الكوارث بالعودة إلى الأفعال السابقة للبشر. هذا النوع من التفكير يعكس نهجًا أوسع نطاقًا يُعرف بالطرق الشعبية أو العادات الشعبية كما وصفها جراهام سمنر، التي تنبع من عادات تتشكل عبر الزمن بشكل مستقل عن العقلانية وتتأثر بالظروف الزمانية والمكانية الخاصة بكل مجتمع.
يستخدم سمنر مثال وباء الطاعون ومحاولات البشر لمنع موت أي أجنبي بينهم كطريقة للوقاية من الوباء، أو تجنب ممارسة فن الخزف بعد وفاة بعض السكان الذين بدؤوا بممارسته، مما يعكس كيف يمكن للمعتقدات الخاطئة أن تشكل سلوكيات وتقاليد مجتمعية.
هذه المعتقدات والطرق الشعبية تُبين كيف يمكن للأفراد والمجتمعات أن يستدلوا على سببية بناءً على توالي الأحداث، دون النظر إلى العلاقات السببية الحقيقية بينها. يُظهر هذا كيف يميل البشر إلى البحث عن أنماط وعلاقات في الأحداث المحيطة بهم، حتى لو كانت هذه العلاقات غير منطقية أو مبنية على معرفة زائفة.
تعكس هذه النظريات أيضًا كيف يمكن للبشر أن يربطوا بين الأحداث والظواهر بطرق تبسيطية، مما يؤدي إلى تشكيل عادات وطرق تفكير قد تستمر لأجيال دون التساؤل عن صحتها أو دقتها. هذا النوع من التفكير ليس مقصورًا على المجتمعات البدائية فحسب، بل يمكن أن يظهر في أشكال مختلفة حتى في مجتمعاتنا المعاصرة، ما يُظهر الحاجة المستمرة إلى التحليل النقدي والعقلاني للعلاقات بين الأحداث والظواهر المختلفة.
هذه المغالطة الشائعة تعد أساسًا لمهن عديدة مثل التنجيم، الرقية، والعلاج بالطرق التقليدية. يعتمد العرّافون والمنجمون على الإيحاء بأن توقعاتهم تتحقق دائمًا بفضل طبيعة الحياة التي تتضمن حدوث أمور جيدة وسيئة بصورة دورية. يُعالج الشخص بوصفة من معالج شعبي ويتحسن حاله؛ لأن العديد من الحالات المرضية تزول بالوقت دون تدخل، فيُنسب الفضل للوصفة الشعبية بدلاً من الشفاء الطبيعي.
يُعتبر التركيز على النجاحات وتجاهل الفشل جزءًا من هذه الظاهرة، حيث يتم تذكر وتداول النجاحات بين الناس مما يعزز من صدقية هذه المهن والأفعال بالرغم من كونها مجرد مصادفات. يُعرف هذا في البحث العلمي بمشكلة درج السجلات، حيث يُظهر البحث المنشور نتائج قد لا تعكس الحقيقة بسبب عدم نشر البحوث التي لم تجد نتائج مهمة أو مختلفة.
تعمل هذه المغالطة على ترسيخ معتقدات خاطئة في العقول وتوجيه الناس نحو التفسيرات السحرية والخرافية للأحداث بدلاً من البحث عن الأسباب العلمية والمنطقية. وتؤدي إلى نشر معلومات مضللة قد تؤدي لقرارات غير مبنية على أسس علمية سليمة.
أمثلة أخرى
لنستعرض بعض الأمثلة الشائعة التي تُظهر كيف يمكن للناس أحيانًا أن يستنتجوا علاقات سببية خاطئة من مجرد التزامن أو التوالي الزمني:
- ارتديت ساعتي الجديدة في يوم الاختبار وحصلت على درجات عالية، لذلك سأحرص على ارتدائها في كل اختباراتي المقبلة. من الواضح أن النجاح جاء نتيجة للتحضير الجيد والمذاكرة، لا علاقة له بالساعة.
- عندما يحدث كسوف الشمس، يبدأ أهل القرية بالطرق على الأواني النحاسية حتى تظهر الشمس مجددًا، وهم يعتقدون أن طقوسهم هذه تعيد الشمس. في الواقع، تأتي الشمس بعد الكسوف بمجرد مرور القمر من أمامها بشكل طبيعي.
- عانى أحمد من صداع فظيع فدهن جبينه بمزيج من الأعشاب قدمته له جدته وسرعان ما شعر بالتحسن. غالبًا ما يزول الصداع بمجرد الراحة أو تقليل التوتر.
- عندما لم يعمل جهاز الراديو لدى محمود بشكل صحيح، قام بضربه بخفة فعاد للعمل مرة أخرى. يمكن أن يكون الضرب قد أعاد توصيل الأسلاك بشكل مؤقت، لكنه ليس حلاً دائمًا أو موصى به لإصلاح الأعطال.
- في اليوم الذي قام فيه خالد بعمل تمارين رياضية مكثفة في الخارج، حدث زلزال بعيد في منطقة أخرى من العالم. من الواضح أن لا علاقة بين التمارين ووقوع الزلزال، فهما حدثان مستقلان تمامًا.
هذه الأمثلة تبرز أهمية عدم الوقوع في فخ استنتاج العلاقات السببية من مجرد التتابع الزمني دون أدلة موثقة وتحليل علمي.
خاتمة: سحر الدواء الوهمي وتأثيره على العلوم الطبية
تُشكّل ظاهرة “تأثير الدواء الوهمي” جزءًا لا يتجزأ من دراسة الأخطاء المنطقية الشائعة في البحوث الطبية، حيث يُلاحظ تحسن حالة المرضى دون وجود علاج فعال حقيقي. يعود أصل مصطلح “بلاسيبو” إلى اللاتينية، ويعني “سأُسعد” أو “سأُرضي”، ويُستخدم للإشارة إلى أي دواء أو علاج يُعتقد أنه لا يحمل أي فعالية علاجية ملموسة، قد يكون هذا عبارة عن حبة سكر أو نشا، أو حتى عملية جراحية وهمية أو جلسات علاج نفسي غير فعالة.
في الأبحاث التي تهدف إلى تقييم الفعالية العلاجية لدواء جديد، يُعتمد على استخدام “مجموعة ضابطة” تتلقى الدواء الوهمي بدلاً من الدواء الفعلي. هذا الإجراء ضروري لفصل التأثيرات الحقيقية للعلاج عن تلك التي تنشأ ببساطة من الإيمان بالعلاج أو التقلبات الطبيعية في مسار المرض، والتي قد تشمل تحسنًا أو تراجعًا يحدث بشكل طبيعي.
يُعزى التأثير الإيجابي للدواء الوهمي عادةً إلى الإحساس الذاتي بالتحسن الذي ينجم عن الإيمان بقوة العلاج والأمل في الشفاء، أو إلى التحسن الطبيعي الذي قد يتبع الاضطرابات والإصابات بشكل تلقائي، دون الحاجة إلى تدخل علاجي. تُبرز هذه الظاهرة كيف يمكن للعقل والاعتقادات أن يلعبا دورًا مهمًا في الشفاء الجسدي، وتُسلط الضوء على التحديات التي تواجه البحث الطبي في تحديد الفعالية الحقيقية للعلاجات.
على ضوء الاكتشافات والدراسات الطبية، يتبين أن “تأثير الدواء الوهمي” يعدو أبعد من مجرد تجربة ذاتية غير حقيقية. فقد أظهرت بعض التجارب تحسنًا ملحوظًا وقابلًا للقياس في الحالات الصحية للمرضى، حتى في غياب العلاجات الفعالة بيولوجيًا. على سبيل المثال، استخدم بعض الأطباء مواد خاملة لعلاج الزوائد الجلدية، وأظهرت دراسات أخرى تحسنًا في حالات الربو والتهاب القولون بعد تناول الدواء الوهمي.
في ظاهرة مثيرة للاهتمام، أشار بعض جراحي القلب إلى تحسن المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية وهمية بنفس معدل التحسن في المرضى الذين خضعوا للعمليات الفعلية. تلك النتائج تقترح أن الآليات النفسية والبيولوجية قد تلعب دورًا في التأثير الإيجابي للدواء الوهمي، من خلال إفراز الإندورفينات أو تحفيز الجهاز المناعي، مما يعكس تعقيد العلاقة بين الجسد والعقل.
رغم فوائد “تأثير الدواء الوهمي” في بعض الحالات، يُشدد البحث العلمي على أهمية التمييز بين العلاجات الفعلية والوهمية لتجنب إضاعة الوقت والموارد في علاجات غير مؤثرة حقيقيًا. يبرز ذلك الحاجة إلى الاستمرار في البحث الطبي الجاد للكشف عن العلاجات الفعالة التي تتجاوز تأثير الدواء الوهمي.
يُعد “تأثير الدواء الوهمي” تذكيرًا بالقوة الكامنة في الإيمان بالعلاج، وكيف يمكن لهذا الإيمان أن يُحدث تغييرًا فعليًا في الحالة الصحية للمرضى. ومع ذلك، يجب عدم الاستهانة بأهمية الأسس العلمية الصلبة وراء كل علاج طبي، لضمان تقديم الرعاية الصحية الأمثل للمرضى بعيدًا عن الخرافات والأساليب البديلة غير المثبتة.