عصام الرمضان 
يعاني المجتمع للأسف من عينات من الناس والذين هم عادة يكونون ضحايا الفراغ والخيبات والمحاولات الفاشلة والشعور بالنقص في حياتهم الشخصية، وذلك عادة بعد محاولاتهم المستميتة بأن يجعلوا لأنفسهم شأناً أو أهمية تذكر أو حتى ينجحوا في شيء. ولكن للأسف… عادة بلا جدوى.
وتكمن معاناة المجتمع من هذه العينات بأنهم يخرجون نتائج ابتلائهم من فراغ وخيبات ومحاولات فاشلة وشعور بالنقص على المبتلين بهم من من حولهم، وذلك بأن يحاولوا أن يعوضوا خيباتهم بأن يتدخلوا فيما لا يعنيهم ويحشروا أنوفهم في شؤون لا تخصهم لا من قريب ولا من بعيد، ويتفلسفون بها ويفتون ويصوبون ويخطئون. وليس هذا فحسب، بل يضيفون تفاصيل و (بهارات) وأمور غير حقيقية للمواضيع التي يحشرون أنوفهم فيها، ويتحدثون عنها بكل حماسة! ويتعمدون إضافة أمور إليها، ويستخدمون عبارات مثل “بكل شناعة” و “بكل فظاعة” وخلافها، وذلك لكي يشعروا بالأهمية المفقودة لديهم، ويعيشوا جو (الأكشن) ليملؤا الفراغ في حياتهم حسب ما تتطلبه عقدهم النفسية. فهم دائما لديهم محاولات بائسة يائسة لتعويض ما يشعرون به من فراغ داخلي وشعور بالنقص بالتطفل على غيرهم والتفلسف والتأليف وتضخيم الأمور واختراع أشياء لا وجود لها.
ولا تكتفي هذه العينات بحشر أنوفهم في شؤون الناس والتأليف فيها ونسج القصص غير الصحيحة. بل كذلك يتشدق هؤلاء المرضى بالإفتاء وإبداء الآراء حيال شؤون الناس وعادة تكون آراءهم وأفكارهم غير واقعية، و تصرفاتهم هذه توهم الناس بأن هؤلاء المرضى معصومون من الأخطاء، بينما الواقع لو بحثت في شؤونهم لوجدت “الخائس أضعاف الخنين” ولكن في الحقيقة أن المساكين يعانون عقدة اللاواقعية، ويسبحون في عالم الخيال ويقيسون عليه، وهم غالبا ما يكونون متأثرين بالروايات والأعمال الدرامية والأغاني الرومانسية وحتى من نشأتهم المبكرة تجدهم متأثرين بأفلام الأطفال الخيالية مثل (هايدي) و (فلونة) ويظنون أن هذه هي الحياة في الواقع ويقيسون عليها… فهم في غفلة عن شؤونهم التي فشلوا فيها، فتنشأ لديهم ردة فعل نفسية بالالتفات إلى خصوصيات غيرهم، وللأسف أن الحقيقة المرة هي أن (باب النجار مخلع)! وتجد حياتهم مليئة بالأمور التي بها عار، ولا يصح حتى ذكرها، ولكن الواقع المثير للأسى والسخرية في آن واحد أنه وكما يقول إخواننا المصريون: “الفاضي يعمل قاضي” وأفضل ما يقال لهؤلاء المرضى هو: (حط هرجك في درجك).
وفي الواقع عادة هذه العينات وبما يمارسونه من عقدهم النفسية يثيرون شفقة المطلعين والواقعيين من الناس، والذين يعلمون عن الجهل المركب الذي تعاني منه هذه العينات، فالناس تارة يتجاهلون تطفلهم وغباءهم المتجذر والمتأصل بهم والمترعرع معهم منذ نعومة أظفارهم، والذي يزيد طينه بلة فراغهم وخيباتهم وفشلهم في حياتهم، وتارة أخرى يدعون لهم بالهداية، وأن ينير الله أبصارهم على الحياة الواقعية، وأن يتوب عليهم الله من التوهم المضحك، وشر البلية ما يضحك.
فلندعو الله جميعا بأن يشفيهم من هذا المرض، وأن يملأ حياتهم الفارغة والتي تجعلهم يتفرغون لحشر أنوفهم في شؤون الناس بجهلهم المركب ولا واقعيتهم. ولندعو الله لهم بأن يخففوا من مشاهدة المسلسلات التركية ومسلسل المحقق كونان ويعوا واقع الحياة، ويخففوا من نشر ترهاتهم وإخراج ابتلائهم على الناس إنه سميع مجيب الدعاء.
ونوجه رسالتنا لإخواننا “قاطين الوجه”، بأن أخي “الملقوف” المتفرغ للتطفل والإفتاء والمبالغة والتأليف على الناس. اذكر الله كثيرا واستغفره وكن واقعيا أكثر، فالحياة ليست في المسلسلات التركية يا مهند (مهند شخصية بمسلسل تركي)، وخيباتك ومحاولاتك السابقة الفاشلة حاول الا تخرج آثارها على الناس، زد من وعيك وواقعيتك وحاول أن تشغل نفسك عن الناس، مثلا في ممارسة الرياضة أو تحسين هندامك أو تصحيح إملائك، أو في أي شيء يفيدك في حياتك. وإذا كان لا بد من المسلسلات، فغير إلى المسلسلات البدوية، فربما تعلمك (المراجل)، والتي من أهمها عدم التدخل في خصوصيات الرجال، ولكن لا تنفعل وتكسر الشاشة! فقط استرجل وزد من وعيك بالواقع وأصلح تفكيرك! وكذلك اعرض نفسك على أخصائي نفسي، وسيشفيك الله بإذنه تعالى.
همسة خاصة في أذن “قاط الوجه”
أخي حبيبي، الناس ليسو في حاجة لآرائك ولا تأليفاتك ولا نقل تأليفات غيرك كما هي بدون تحقق مثل الببغاء. وعجزك عن حل مواضيعك وإنجاح مشاريعك (والتي غالبا هي أيضا لا تعتمد فيها على نفسك، بل تنتهج كذلك أسلوب “قطة الوجه” على الآخرين) لا يحلها “قطة وجهك” على مواضيع وخصوصيات الناس، فلا تحاول معالجة المشكلة بخطأ. فقط اجتهد في حل أمورك واعتمد على نفسك واترك الطفيلية أنت ومن يشابهك ممن غالبا بطبعهم الطفيلي يعتمدون على سبيل المثال على زوجاتهم في الدخل والمصروف أو توفير السكن وجلب المصالح. واحفظ ما تبقى من ماء وجهك، لأنه من المؤكد يا رعاك الله بأنك لا تريد أن تلقى نفس مصير المهزئين من قبلك ممن “تلقفوا” وتفلسفوا ومسحت بكرامتهم الأرض. وتذكر دائما وذكر أشباهك من المتطفلين بأن: (من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه) ونتمنى لك التوفيق إن شاء الله.
وختاما، نتمنى جميعا تحسن هذا المرض النفسي لدى هؤلاء المرضى، ونتمنى لهم الشفاء العاجل ونوما هنيئا وأحلاما سعيدة.
الناصح المناصح
عصام بن أحمد الرمضان
