كنت من الأشخاص المهووسين بقراءة كتب التنمية البشرية وكانت فعلا تحرك إحساسا إيجابيا بداخلي وتدفعني لأفعل ما أنا على صدد فعله والقيام به. ومازلت أتذكر كتاب السر الذي كنت جد مسرورا لمّا أكملت قراءته، وكنت فعلا مؤمنا بالسر شاركه الكاتبة معنا (قانون الجذب).
استعملت قانون الجاذب وآمنت به، فكان مرة يعمل ومرة أخرى لا، وهو ما دفعني إلى إلقاء أعذار عن هذا القانون، كأن إيماني لم يكن كافيا لجذب ما فكرت فيه. لكن بعد فترة، تخلصت من هذا الإيمان، بعد أن علمت أنه مجرد علوم زائفة ولا يوجد شيء في المحتوى العلمي يسمى قانون الجذب.
اكتشفت أيضا أنه الشيء الذي كان يعيق طريقي نحو الأمام، بدل أن يشجعني على الوصول، فقد كنت أجلس وأنتظر الشيء الذي كنت أفكر في أنني سأحصل عليه، دون أن أعمل ودون أن أخطط للوصول إليه. تخيل أنك تريد شراء سيارة، المفروض أن عليك وضع خطة وتتبعها للوصول إلى هذا الهدف، لكن قانون الجذب زاد من شعوري بالكسل وزاد من عجزي عن وضع الخطط وتنفيذها، فيكفي أنك تؤمن بأن لديك سيارة وستحصل عليها. (فكرة غبية، لا أعلم لماذا كنت أصدق هذه الأمور)
وكي لا نبتعد عن موضوع كتب التنمية البشرية، سأحاول انتقاد بعض الأشياء فقط في هذه الكتب، ولماذا من الأفضل لك أن لا تقرأها أو أن تقرأ كتبا معينة عن غيرها.
نفس الشيء يتكرر
هذا هو الشيء الذي أكرهني في قراءة كتب التنمية البشرية في كل مرة، كلها تقريبا تتحدث عن نفس الشيء؛ غير طريقة تفكيرك من تفكير سلبي إلى تفكير إيجابي، آمن بأنك ستصل وستصل، كن شغوفا، كن صارما، كن محبوبا … كن … كن … كن.
عندما يتكرر نفس الشيء في كتب عديدة، يُفقد فيك تلك الحماسة التي شعرت بها في أول كتاب قرأته عن التنمية البشرية. إذ كنت أشعر وكأنني أقرأ نفس الكتاب، لكن لكتاب مختلفين.
كتب التنمية البشرية غير عَمَلية
طبعا أنا لن أنكر وجود كتب تنمية بشرية جيدة وعَمَلية، وسأقوم بتوضيح هذا في النهاية. لكن كتب التنمية البشرية الغير عملية وأقصد هنا الكتب التي لا تريك أي شيء عملي للقيام به، فهي تلعب فقط بمشاعرك وتحاول أن تجعلها إيجابية لا أكثر ولا أقل، وبالتالي قد لن تنفعك سوى لمدة قصيرة بعد تلك الحماسة من إنتهاء الكتاب، ثم تعود مجددا إلى حياتك السابقة، وتعود الأفكار السلبية مجددا. والمضحك في الأمر أن هذا ما يجعل البعض، اللجوء مجددا لقراءة كتب تنمية بشرية أخرى.
فيصير الأمر أن هذه الكتب تسيطر على مشاعرك بدل أن تسيطر عليها بنفسك.
ماذا علي أن أفعل اذن ؟
اقرأ كتب التنمية البشرية العَمَلية
كتب التنمية البشرية العملية هي الكتب التي ستنفعك وستريك أشياء جديدة، ككيف تضع خطة استراتيجية، أو كيف تتحكم بوقتك … الخ. ويمكنك تمييز هذه الكتب من العنوان أو أحيانا من قراءة تقييمات القراء السابقين، أو حتى عن قراءة نبذة عن الكاتب.
إذا كان الكتاب سيأتي بشيء عَمَلي، والذي ستطبقه في حياتك لتغييرها نحو الأفضل، فهذا الكتاب جيد، أما إذا كان الكتاب مليء بالنصائح المرتبطة بالمشاعر، ككُن إيجابي، أو غَيّر طريقة تفكيرك … الخ، فهذا الكتاب هراء وهو يتكرر في آلاف الكتب الأخرى.
قصص عن الناجحين
الشيء الآخر الذي أكرهه بشدة في كتب التنمية البشرية هو أن الكاتب بعد شرحه لفصل من الفصول، يقدم لك قصة عن شخص كان تعيسا وفقيرا ومكتئبا وكل تلك المشاعر السلبية، ثم تَحَوّل بعد تطبيقه لشيء ما أو لتغييره لمشاعره، إلى شخص ناجح وسعيد في حياته.
ومن شدة كرهي لقراءة هذه القصص هي أنني أعلم مسبقا كيف ستكون النهاية، فالكاتب لن يعطيك قصة عن شخص كان يعاني وظل يعاني إلى مماته، إضافة إلى أن هذه القصص تزيد من حجم الكتاب وهو من الشروط المهمة لقبول ديار النشر لمثل هذه الكتب. فلو كتب الكاتب ما يريد أن يوصله لك بدون إضافة هذه القصص (المملة) لن ينشر كتابه لأنه سيبدو صغير الحجم.
لذا من الأفضل أن لا تقرأ هذه الكتب أو أن تقرأ فقط المحتوى المهم دون قراءة القصص. لأنها لن تحمسك في شيء، فلو أردت الوصول إلى هدف معين، ابحث عن الأشياء العملية التي عليك القيام بها، أما القصص فهناك الملايير منها.
كتب التنمية البشرية التي تتحدث عن الذكاء المالي
أعتبر هذه الكتب من أفضل كتب التنمية البشرية، أولا لأن الذكاء المالي لا يدرس في مدارس العالم، وهو بالتالي فرصة جيدة لتدرس هذا المجال وأن تنمي معارفك فيه.
ثانيا، يمكن أن نقول أن هذه الكتب عملية، إلا أن بعضها لا يفرق عن كتب التنمية البشرية العادية، لكن هذا النوع منها، قد يساعدك في تطوير مهاراتك في الذكاء المالي، أو بناء شركتك الخاصة بدل العمل في الشركات، وغيرها من الأمور التي لم تكن تعرفها، فيشاركها معنا رجال أعمال كبار ومؤسسي الشركات الناجحة.
وأخيرا، أود أن أقول أن هذا المقال هو مجرد رأي شخصي عن تجربتي مع كتب التنمية البشرية، قد تكون تجربتي مختلفة عن العديد من التجارب، وقد تكون هذه الكتب السفينة التي أنقذت حياتك من الغرق في مشاعر الوحدة أو الاكتئاب.