أصل الأنواع هو من أهم الكتب التي نشرت على مر التاريخ، أصدر فيه الكاتب الشهير تشارلز دارون نظريته عن الانتقاء الطبيعي، والتي قدمت قفزة هائلة في تقدم العلوم، خاصة علم الأحياء، إذ يقول دارون أن كل الكائنات الحية على وجه الأرض هي في الحقيقة نتيجة انتقاء طبيعي تقوم به الطبيعة من أجل انتقاء الكائنات الصالحة للعيش في البيئة التي تتواجد بها. عبارة “البقاء للأقوى” ليس لها مكان في نظرية دارون، فالعبارة الحقيقية هي “البقاء للأصلح”، ومثال على ذلك، أن الديناصورات انقرضت، رغم قوتها، بينما ظلت عدة كائنات قادرة على نشر جيناتها إلى الأجيال اللاحقة.
يستند داروين في عمله على مجموعة واسعة من الملاحظات والأدلة التي جمعها خلال رحلته على متن سفينة إتش إم إس بيغل، بالإضافة إلى دراسته المستفيضة للأحياء والجيولوجيا. يُقدم الكتاب أمثلة متنوعة من العالم الطبيعي لدعم نظريته، بما في ذلك تنوع الطيور والزواحف والحشرات.
لا يزال “أصل الأنواع” يُعتبر عملاً محوريًا في البيولوجيا ويُقرأ على نطاق واسع. نظرية داروين أحدثت ثورة في فهم العلمي للتنوع البيولوجي وأسست الأساس للبيولوجيا الحديثة.
نشر هذا الكتاب سنة 1859، وهو نظرة ملهمة عن الجنس البشري، حيث يكشف دارون عن الترابط المتبادل والمعقد بين الحيوانات والنباتات، وبين المناخ والبيئة المادية، ثم بين كل هاته الأشياء والإنسان. يجيب الكتاب على العديد من الأسئلة التي شغلت العلماء في ذاك الوقت، وشغلت دارون نفسه، أسئلة كانت تطرح من منظور الملاحظات التي كان يقوم بها العلماء حينها، فمثلا: لماذا هناك عدة أنواع من السلاحف؟ ولماذا هي تتشابه في الكثير من الصفات وتختلف في صفات أخرى عديدة؟ لماذا هناك عدة من الطيور؟ ولماذا لا يستطيع الدب القطبي أن يعيش في مكان دافئ، وكيف يستطيع أن يعيش في مكان جد بارد؟ وغيرها من الأسئلة الفضولية الرائعة التي تكشف لنا الإجابات عن روعة الطبيعة وقدرة الانتقاء الطبيعي في إنتاج ما هو عليه اليوم.
الكتاب بسيط، رغم المصطلحات العلمية التي قد يرى الكاتب أنها جديدة عليه، لكن أسلوب الكتاب يظل مبسطا رغم ذلك، إذ يجمع بين الدقة العلمية والأدبية على حد سواء، ويظل هذا الكتاب أحد أهم الأوراق المؤسسة في العصر الحديث.