in , ,

لماذا يستمر الارهاب وما هي الأسباب التي تمنع القضاء عليه وعلى ممارسيه ؟

الارهاب

رغم كل محاولات التصدي للظاهرة الإرهابية الخطيرة في صيغتها الإسلامية المعاصرة، مازالت تضرب بعنفها العديد من مناطق العالم بمختلف بلدان المعمور من أوروبا إلى نيوزيلاندا إلى عمق البلدان الإسلامية نفسها، وتستهدف كل الفئات والأعمار بدون تمييز، وقد تبين بأن للإرهاب أسباب لا يزول إلا بزوالها، وسيظل مستمرا ببقاء هذه الأسباب واستمرارها وتتمثل هذه الأسباب في عشرة أوضحها في مايلي باختصار وتركيز شديدين:



الاستبداد السياسي

السبب الأول: وجود استبداد سياسي يستعمل الدين لإخضاع الناس وتخديرهم ويعرقل مسلسل التحديث والدمقرطة، وهو استبداد مرتبط بأنظمة قائمة على السلطوية وعلى مصادرة حقوق المواطنين في التعبير والتنظيم، ما جعلها أنظمة عاجزة عن إنجاح تجارب إنقالها السلمي نحو الديموقراطية، وهي الأنظمة المتواجدة في بلدان شمال افريقيا والشرق الأوسط.

الحركات الدينية السياسية

السبب الثاني: وجود حركات سياسية دينية تنازع سلطات الإستبداد في الشرعية باستعمال الدين نفسه الذي تستعمله هذه الأنظمة والمزايدة به على الجميع، مما ينتهي إلى إشاعة أفكار التطرف المضادة للدولة الحديثة والمضادة لروح المرحلة كلها، وهذا يخلق تصادما بين المواطنين والدولة وبين المواطنين فيما بينهم، ويجعل الاستقرار أمرا بعيد المنال، ويُفشل مهمة المدرسة في بناء وعي المواطن المأمول، ويخلق لدى الأفراد أوهاما إيديولوجية لا تتطابق مع وجودهم في سياق الدولة الوطنية الحديثة.

الدعاية المكثفة

السبب الثالث: وجود دعاية مكثفة لأفكار التشدد والكراهية ورفض الآخر في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد ظهور الميليشيات الإلكتورنية وهي مجموعات منظمة ومحترفة تابعة لتنظيمات سياسية دينية بعضها مشارك في الحكومات وبعضها معارض لهذه الحكومات، حيث تهدف هذه الحملات التي تشنها هذه المجموعات الالكترونية، والتي تستهدف الأشخاص والمؤسسات والقوانين، تهدف إلى إحداث تهديد للنظام العام عبر شحن الأفراد بأفكار مضادة لواجبات المواطنة كما هي متعارف عليها.



تعدد الفتاوى

السبب الرابع: وجود فتاوى عابرة للقارات عبر القنوات التلفزية الممولة من طرف العشائر النفطية خاصة ببلدان الخليج، وهي فتاوى تنتهي بأن تصادم الأفراد مع قوانين بلدانهم، كما تزرع لديهم النفور من واقعهم ومن قيم المجتمع الحديث، وتؤدي إلى خلق إغتراب جماعي لدى المسلمين، اغتراب عن عصرهم وعن سياقات مجتمعاتهم.

تدريس التطرف والعنف

السبب الخامس: تدريس الكثير من أفكار التطرف والعنف في مادة التربية الاسلامية المتواجدة مع مواد أخرى بالمدرسة، وتدريسها على أنها من مبادىء العقيدة ومن صميم الإسلام، مثل مثلا أن الإسلام وحده الدين الصحيح والديانات الأخرى كلها محرفة وأهلها كفار، ومثل تدريس أن واجب الدولة تطبيق الحدود والعقوبات الجسدية، ومثل تدريس أن وضعية المرأة العصرية مخالفة شكلا ومضمونا، بمحتوى النصوص الدينية.

مهاجمة أفكار التسامح

السبب السادس: مهاجمة المساجد لأفكار التسامح واحترام الإختلاف وتسفيهها للحركات المدنية المناضلة من أجل المساواة والعدل، ومن أجل الحرية للجميع، واستغلال بعض الخطباء لمنابر الدولة في الدعاية لأفكار التطرف وللتيارات المتشددة حتى في الحياة السياسية نفسها.

شرعنة العنف والتخلف

السبب السابع: شرعنة العنف والتخلف ونبذ الآخر في الإذاعات الخاصة وفي الإعلام بما فيه قنوات الإعلام الرسمي التي تسعى إلى تحقيق نسبة متابعة مرتفعة على حساب الوعي المواطن والسلم الاجتماعي، فتعتمد في ذلك على دعاة وخطباء مسيسين فاقدين للشعور الوطني، والذين غرضهم جعل التشدد الديني تيارا عاما في المجتمع، وفي مقابل ذلك عدم قيام مؤسسات الرقابة على وسائل الإعلام بمهامها في رذع ومحاسبة الخطابات المناقضة للقانون، وخاصة القانون السمعي البصري.



النمط السلفي الوهابي

السبب الثامن: وجود مدارس قرئانية على النمط السلفي الوهابي نشرتها السلطات بدعم خليجي منذ عقود، وفي إطار شروع أمريكي في مرحلة صراع المعسكرين لنشر أفكارها المتشددة في أوساط الطبقات الفقيرة والمهمشة بالأحياء الشعبية وهي مدارس تتواجد خارج إطار التصور الحديث للشأن الديني في الدولة العصرية.

الدعم الخارجي

السبب التاسع: استمرار دعم الدول الغربية القوية للأنظمة الاستبدادية الراعية لمصالحها، وتوظيف العامل الديني في الظبط والتحكم في موازين القوى.

التحريض

السبب العاشر: وجود عنصر يُغدّي جميع العناصر السابقة، بُؤر التوتر التي تعرف انفلاتا أمنيا خطيرا بمنطقة الشرق الأوسط، والتي تظهر فيها مجموعات مسلحة تحرض على الإرهاب وتوفر إمكاناته المادية وتوجه الناس إليه.

هذه هي الأسباب العشرة لامتناع القضاء على الإرهاب والإرهابيين، وهي أسباب تعرقل الوصول إلى تثبيت السلم العالمي وحماية استقرار الدول، وبدون تداركها يصعب كثيرا الخروج من الوضعية الحالية.

Avatar for فكر حر

كُتب بواسطة فكر حر

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for فكر حر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0