in

مغالطة تسميم البئر: شرح مبسط مع بعض الأمثلة التوضيحية

مغالطة تسميم البئر

مغالطة تسميم البئر هي مغالطة منطقية مشهورة تتكرر في العديد من الخطابات والنقاشات والمحاضرات، وقد نجدها بكثرة في المجال السياسي وفي الإعلام.

إذا أردت تسميم سكان بلدة صغيرة وبسرعة، فقم بتسميم البئر الذي يشربون منه، وهكذا فكل من سيشرب من البئر سيموت من السم.


مفهوم مغالطة تسميم البئر

إذا فصّلنا الكلمة كما نفعل مع أي مفهوم، سنجد أنها تشرح نفسها بنفسها دون الحاجة إلى أي تعقيد، فكلمة تسميم تعني تشويه، أما كلمة بئر فتعني سمعة الشخص وصورته، والماء الذي في البئر سيختلف حسب كل موقف، فقد يعني الخطاب الذي يقدمه الشخص أو النقاش، أو المحاضرة …الخ. أما كلمة مغالطة، فتعني حسب معجم المعاني الاستدلال الزائف.

وباختصار، يُقصد بمغالطة تسميم البئر تشويه سمعة وصورة شخص ما قصد السخرية من الكلام أو الأفعال التي ينوي القيام بها سواء كانت المعلومات المُقدَّمَة صحيحة أو خاطئة، وبالتالي فسينجرف الجمهور مع هذا التسميم وسيرى أن الماء ملوث وغير صالح للشرب.



مثال 1: مغالطة تسميم البئر بعد المحاضرة

يقوم X بتقديم محاضرة حول أهمية العولمة وكيف أن العولمة ساعدتنا في تطوير الثقافة والعلوم والتكنلوجيا …الخ.

بعد الانتهاء من تقديم المحاضرة، يقوم شخص من الجمهور فيصرخ في وجه X ويقول ” كيف لشخص دخل السجن مرتين بسبب السرقة أن يقف أمامنا ويشرح لنا أهمية العولمة، هذا الشخص يا إخوان مجرد سارق، وكل كلامه فارغ”

تكمن مغالطة تسميم البئر في هذا المثال في تشويه سمعة وصورة X، وسواء كان X دخل السجن أو لم يدخل فهذا لا يهم، وكل ما يهم هو الأفكار التي يقدمها في المحاضرة، وهل هي أفكار صحيحة أم أفكار خاطئة.

يصعب الإجابة على مغالطة تسميم البئر في الكثير من الأحيان، لأن في الأغلبية من مثل هذه المواقف، تكون المعلومات المُقدَّمة قصد التشويه معلومات صحيحة، ويُحرج الشخص ولا يعلم بأي جواب عليه الإجابة به. لكن في جميع الأحوال على الجمهور أن يدري بهذه المغالطة كي يستطيع الشخص الدفاع عن نفسه أمامهم.

غير هذا، فقد تسمّمَ البئر فعلا، وقد لا يحب الجمهور هذا الشخص مرة أخرى، وبالتالي فهم يتغاضون عن الأفكار التي قدمها.


مثال 2: مغالطة تسميم البئر قبل المحاضرة

يقوم مرتكب المغالطة في هذه الحالة بتسميم البئر قبل حتى أن يقوم الشخص X بتقديم محاضرته. فيقول مثلا ” اسمعوا يا إخوان، هذا الشخص الذي سيقدم المحاضرة بعد قليل هو سارق، وقد دخل السجن مرتين بسبب السرقة، وهو لا يفقه شيئا في هذه الأمور، متى أصبحنا نُنصت لشخص غير أخلاقي ؟”

يقوم الشخص في هذه الحالة بتسميم البئر قبل حتى أن يقوم الشخص بالظهور، وبالتالي فقد شوّه سمعته وصورته للجمهور، وربما قد لا ينصتون إلى محاضرته.

في هذه الحالة، الشخص X يكون غير داري بأن صورته قد شُوِّهت، وبالتالي فهو سيقدم محاضرته بشكل غير إحراجي، لكنه سيُصدَم من أن الجمهور لا يعيره انتباها أو سينتقده بشدة في آخر المحاضرة.

يحدث مثل هذا الموقف في المجال السياسي وفي الإعلام، حيث تُشَوّه سمعة وصورة الشخص قبل حتى أن يلقي ما لديه من أفكار، وقد تطورت أساليب هذه المغالطة المنطقية إلى الإشارة إلى فيديوهات باسم “فضائح” ، “حقائق عن …” الخ.



كيف تتجنب هذه المغالطة ؟

سواء شاهدت فيديو أو سمعت كلام أو قرأت مقال عن شخص ما، احذر من أن يكون هذا الكلام هدفه تشويه سمعة هذا الشخص، وحتى لو كانت المعلومات المُقدَّمة صحيحة، فلا تتجاهل الأفكار التي يقدمها هذا الشخص، لأن الأفكار مجرد أفكار، سواء قالها شخص مجرم أو شخص غير مجرم، وعلى الشخص العقلاني أن ينتقد الأفكار لا الأفعال التي قام بها هذا الشخص.

أما إذا كنت أنت الضحية لهذه المغالطة، فكل ما عليك فعله هو أن تُوضِّح للجمهور أن أفعالك لا تعني خطأ أفكارك، وإذا لم يتقبلوا هذا الأمر، فليذهبوا إلى الجحيم 🙂 لأنهم غير عقلانيين وغير ناضجين كفاية من أجل مناقشة هذه الأفكار.


Avatar for فكر حر

كُتب بواسطة فكر حر

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for فكر حر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0