in

ما وراء الشر ( الجزء الأول )

ما وراء الشر

على من يقع العاتق حقا ؟ أم على من ساعده في ذلك ؟ على تلك الظروف و المواقف التي شكلته و كونته و جعلته هذا الشخص القاسي ؟ أم على أبويه و شيوخه ؟  أحيانا لا يكون التعجب من حاله في محله . فطريقته و أسلوبه و خُلقه ليسوا وليدي اللحظة ، إنما تراكمات ربما حتى لم يراكمها هو على نفسه ، و كانت ظاهرةً للعيان في كافة مراحل عمره . الحقيقة ان كل منا يسلك طرقا و يعيش حياته بأكملها وفقا لأفكاره المبدئية ، الأفكار التي تزرع فينا زرعا في صغرنا حتى و لو لم نرد ذلك ، و عندما نبلغ أشدنا تجدنا مجموعة من الصفات تمشي على الأرض ، لم نسعى كثيرا حتى تكون هذه الصفات فينا ، و حينها : يُمدَح من ربى و من علم و من ساهم اذا كانت النتيجة تستدعي الفخر ، نمدح الإبن نفسه حتى رغم تيقننا من أنه ليس على درجة كافية من الوعى حينها ليخلق عادات و يمتنع عن أخرى ، بل كان هناك من يقول له افعل هذا لأن الله يأمرنا به و لا تفعل هذا لأن الله ينهانا عنه . او يُذم من ربى و من علم و من ساهم إذا كانت النتيجة تستدعي الخزى  ، لأن فشلهم في هذه المهمة أورث الضرر على غيرهم و سيورث الكثير من الضرر بعد ان لم يهتدي هذا الإبن الضال . و نذم هذا الإبن أيضا و ان كان كما ذكرنا لم يكن على درجة كافية من الوعى ليخلق عادات و يمتنع عن أخرى ، و إنما كان هناك من هو مسئول عن تلقينه ما هو الصحيح و ما هو الخطأ . و ان لم يكفيه ذلك ليتعلم فهذا كذلك ليس خطأه بمفرده .  و لكن التربية ليست العامل الوحيد ، هناك عوامل اخرى بالطبع ، و يظهر ذلك اذا نظرنا لأساطير الشر . نجد ان بعض المعايشين لهم يقول وجدناه هكذا دون أى سبب منذ صغره تجده وحيدا منعزلا و يفكر بطريقة مختلفة عن اقرانه . تشعر ويكأنه شيطانٌ صغير تزداد افكاره الشيطانية يوما بعد يوم . دعنا نتناول بعض هذه الشخصيات و ننظر الى حالهم ربما نكون ظالمين . ربما اضطرتهم الحياة ليسلكوا دروبا لم يكن ليكون لها رجعة . و ربما هم في الحقيقة أفضل مما يبدوا عليهم .

١ – دراكولا  

شاع حديثا اسم دراكولا ليدل على مصاص الدماء كونت دراكولا و هى شخصية من خيال الكاتب الإنجليزي برام ستوكر و التي بناها على تلذذ دراكولا الحقيقي ( فلاد الثالث )  بالدماء و شخصيته الدموية شديدة القسوة ، حيث كان يعذب ضحاياه من مجرمي مدينته الأفلاق و من الأسرى الذين كان يجمعهم من غاراته و حروبه و كان يقطع رأسهم ثم يضع جثثهم على الخازوق او يضعهم على الخازوق أحياءاً ليفارقوا الحياة بكل بطء . و لذلك اطلقوا عليه لقب ” فلاد المخوزق ”  ، و كان يستمتع بذلك قليلا حتى أنه أحيانا كان يترك الجثث حوله حتى تتعفن و يجلس بينها مستأنسا. و لم تكن هذه طريقته الوحيدة في القتل و لكنها كانت المفضلة . و يعود لقب دراكولا الى عائلة دراكوليتشي التي كان ينحدر منها فلاد .

ما جعل ضحاياه الأسرى آلافاً

حنكته و ذكاءه و سياسته كانت واضحة للجميع و لم يشكك بها أحد ، فقد نجح في الإنتصار على العثمانيين مرات عديدة و قتل من مسلميهم الآلاف حتى أنه حين قُتل في إحدى هذه الحروب تم تكذيب الرواية التي تقول بانتصار العثمانيين في هذه المعركة لأن هذا كان في نظر الكثيرين لا يمت للواقع و المنطق بصلة . حيث انه لم يكن ثمة أثر يدل على ما حدث في هذه المعركة حقا او دراية بموقع المعركة . و ما زال المؤرخون يبحثون . و يرجح بعضهم انها كانت في الطريق بين بوخاريست و جروجيو . لكن المعلوم انه تم ارسال رأس دراكولا بعد قطعها الى السلطان محمد الفاتح و انه قام بتعليقها على خازوق خشبي في ادرنة ليكون عبرة.

             

البويار 

لكن كيف قُطعت رأس دراكولا دون ان يُهزَم إلا اذا تمت خيانته . و نظرية الخيانه هى الأوسع انتشاراً و يرجح مؤيدي هذه النظرية ان الخيانة كانت على يد البويار ، و ما يجعل هذه النظرية اقرب للتصديق هو ما فعله دراكولا بهم خلال فترات حكمه و عداوتهم الشديدة له التي قد تكون أكبر العداوات التي شكلها خلال حياته و كانت شوكة في حلقه في كل مناسبة . في بداية حكمه الثانية على الأفلاق كان أول ما فعله في دولته هو محاربته الداخلية للبويار . فقتلهم و ولى مناصبهم التي كانت حكرا لهم في البلاط لأشخاص مجهولي النسب حتى يكون ولائهم له فقط ، و لم يترك للبويار حتى المناصب الأقل أهمية. و ذلك لأنهم تآمروا على أبيه فلاد الثاني دراكول الذي كان اميرا للأفلاق قبله و تسببت مؤامراتهم في قتل أبيه .

ما جعل المجرمين في عهده اكثر من قبل

حين تولى دراكولا حكم الأفلاق أصدر عفوا كاملا عن كل السجناء بمن فيهم المحكوم عليهم بالإعدام و لم يترك سجينا واحدا . لا ندري هل كان يفعل ذلك ليعطيهم فرصة ثانية للحياة ام ليساوي بين الجميع في قوانينه الجديدة شديدة الغرابة . ام كانت هذه حيلة منه لنشر الرعب في نفوس الجميع داخليا و خارجيا عندما يقتل المجرمين يوميا ، فكيف كان سيقتلهم بهذه الطريقة الوحشية و يمثل بجثثهم و هم بداخل السجون . و قد نجح في نشر الرعب حقا حتى في أذهان من يقرأ عنه بعد موته بآلاف السنين. 

كيف تكونت الشخصية

ذهب فلاد الثاني دراكول في بداية حياته للإنضمام إلى تنظيم التنين ( تنظيم سري أسسه الإمبراطور الروماني زيغموند بالتعاون مع أمراء و ملوك اوربا وقتها بهدف حماية المسيحية من الدولة العثمانية في أوروبا الشرقية) و أطلقوا عليه لقب دراكول بعد الإنضمام ، و بينما هو هناك ولد له فلاد الثالث و رادو الوسيم أخوين شقيقين ، و كان لهم اخ أكبر غير شقيق اسمه ميرتشا الثاني . 

أرسل فلاد الأب الأخوين فلاد و رادو لقضاء طفولتهما في مملكة المجر ، و لكن سرعان ما أعادهما إليه عندما جلس على عرش الأفلاق اخيرا ، ثم تآمر عليه خصومه من البويار و ملك المجر في هذا الوقت و نزعوا الحكم منه ، و أعاده إلى الحكم مرة أخرى السلطان العثماني مراد الثاني بعد اتفاق بينهما على مولاته للدولة العثمانية و دفع الجزية. و أرسل فلاد الأب ولديه رهينة للعثمانيين لإثبات ولائه و كانت هذه الفترة التي قضاها دراكولا عند العثمانيين نقطة فاصلة في حياته حيث تعلم هناك شتى أنواع العلوم بصحبة أخيه رادو و الأمير الصغير محمد الفاتح . كانت هذه الفترة كافية لتربية كره بينه و بين الأمير العثماني الصغير . فكان ينظر دراكولا الي هذه الفترة من طفولته على انها سجن .. و ان مكوثه هو و اخوه هناك كان رغما عنهم و ما أكد له هذه النظرية هو اختلافه مع محمد الفاتح كثيرا و القاء اللوم على فلاد دائما لأن محمد هو الأمير العثماني المدلل الذي لا يخطئ. انظروا ماذا قد يخلف انعدام العدل بين الخصوم و ان كانوا أطفالا. و لكن الغل و الكراهية التي زرعت بداخل دراكولا كان لها عدة أسباب ، بالطبع كان مكوثه في بلاط العثمانيين احد هذه الأسباب و لكنه لم يكن الضغينة و الكره تجاه الدولة نفسها بالحجم الذي كنه لمحمد الفاتح ، كان فقط ينظر أليها على أنها دولة متعالية تتحكم في كثير من الناس شرقا و غربا و تتحكم في أبيه أيضا . رغم ان الدولة العثمانية هى التي أعادت والده للحكم على الأفلاق و هى التي أعادته هو مرة ثانية عندما تآمر البويار و المجريين على أبوه من جديد و قتلوه هو و أخوه الأكبر ميرتشا الثاني حيث أفقدوا الأخير بصره قبل أن يدفنوه حيا . و لم يكن ليمنع دراكولا من الإنتقام شئ . و كانت توليته على حكم الأفلاق من قبل الدولة العثمانية بعد موت أبيه هى البداية التي كان ينشدها. لكن الرياح لم تأتي بما اشتهاه و لم تدم فترة حكمه الأولى على الأفلاق كثيرا حتى تم إقصائه كما حدث مع أبيه و لم يستنجد بالسلطان العثماني حينها لتولي محمد الفاتح الحكم في هذا الوقت . ففضل الهروب الى مولدوفا ثم قصد المجر و أصبح مستشارا عسكريا لملك المجر ” يوحنا هونيادي ” في حروبه ضد العثمانيين . و ذلك لقضاء دراكولا فترةً لا بئس بها في البلاط العثماني جعلته على دراية بأساليب العثمانيين و استراتيجيتهم العسكرية . و الغريب في الأمر أن يوحنا هونيادي هو نفسه الذي عزله من حكم الأفلاق و عين على الأفلاق حاكما آخر و هو فلاديسلاف الثاني . كان دراكولا يخطط ان يستعيد حكمه على الأفلاق و أن يستقل بها عن المجر و الدولة العثمانية و كانت هذه هى بداية مخططه . فبعد أن أصبح مستشارا عسكريا ليوحنا حاول يوحنا التوفيق بينه و بين فلاديسلاف حاكم الأفلاق . و استمر فلاد في المجر فترة طويلة حتى حاصرت الجيوش العثمانية بلغراد بهدف إضعاف المجريين و قد كان ذلك و اضطر يوحنا ان يغادر المجر و يشن حملاته من صربيا . بينما استغل فلاد الثالث هذا الإضطراب و جمع عشيرته و ذهب إلي الأفلاق ليقضي على فلاديسلاف و لتبتدى فترة حكمه الثانية التي كتبها التاريخ بحبر أحمر . و التي لم يساعده على بدأها السلطان العثماني محمد الفاتح او عموم الدولة العثمانية أو حتى ملك المجر كما حدث من قبل . و كان هذا في حد ذاته أول خطواته نحو الإستقلال بالدولة عن المجر و العثمانيين.

الحصاد

١ –  بدأ دراكولا في تنفيذ انتقامه فوجد البويار في كل ناحية من مجلسه و بلاطه كنبلاء و في الخارج كتجار فقرر القضاء عليهم كما ذكرنا بعد ان نزع منهم امتيازاتهم . و هاجم مدنهم فقتل منهم ٣٠٠٠٠ و وضعهم على الخوازيق ثم تناول غداءه وسط الجثث. 

٢ – أغار على مدينة سيبيو بترانسيلفانيا و أعدم من أهلها ١٠٠٠٠ لأنهم كانوا حلفاءاً للبويار و شاركوهم دائما في مؤامراتهم.

٣ – كان لا بد ان يستقل عن المجر و الدولة العثمانية . فمن ناحية المجر عرض على ” ماتياس كورفينوس ” ابن يوحنا هونيادي ملك المجر ان ينضم الى جيوشه في حملتهم ضد العثمانيين مقابل استقلاله عنهم. 

٤ – أما من ناحية العثمانيين فرفض فلاد دفع الجزية المتراكمة على الأفلاق منذ عهد أبيه التي كانت تقدر بعشرة آلاف دوقت و التي كان رادو اخيه الصغير ما زال رهينة عند العثمانيين حتى يتم دفعها . حتى أصبح رادو مواليا للدولة العثمانية و قائدا لجيوشها أيضا ، و أسلم ثم أصبح اسمه عبدالرحمن ، و طلب محمد الفاتح ايضا ٥٠٠ من ابناء الأفلاق للجيش العثماني فرفض داوكولا ذلك أيضا . لأن قبوله بهذا كان يعني عدم استقلالية الأفلاق بل و تعاونها مع الدولة العثمانية. و لم يكتفي بالرفض فقط بل قام بدق مسامير حديدية على عمائم الرسل لتثبيتها على رؤوسهم و ذلك لأنهم رفضوا خلعها في حضرته احتراما و تقديرا له . و كان يعلم ان هذا سيجلب عليه حربا مع العثمانيين فأرسل الي سكسون ترانسيلفانيا يطلب منهم العون والمساعدة. 

٥ – اشتدت الحرب بينه و بين العثمانيين و نجح بمساعدة المجريين ان ينتصر دراكولا في كل مناسبة ، و قتل آلاف المسلمين في كل ناحية ، بل و كان يترك المسيحيين يرحلون و يهاجرون دون ان يأذيهم . فأصبح هو اليد التي يبطش بها المسيحيين في حملاتهم ضد العثمانيين بعد ان كان يريد فقط ان يستقل عن الدولة العثمانية فقط . فقتل 6,414 في جورجيو ، و 1,350 في إيني سالا ، و 6,840 في دورستور ، و 343 في أورشوفا ، و 840 في هارشوفا ، و 210 في ماروتين ، و 630 في تورتوكايا ، و 384 في تورنو وباتين و نوفوغراد ، و 410 في سيستوف ، و 1,138 في نيكوبوليس وغيغن ، و 1,460 في راهوفا. و بعد وصول هذه الأنباء للسلطان العثماني أرسل ١٨٠٠٠ جندي على رأسهم الصدر الأعظم محمود باشا و لكن عادو خائبين و لم ينجو منهم الا ٨٠٠٠ فقط . و في يوم و ليلة أصبح دراكولا العدو الأكبر للدولة العثمانية بعد ان كان في نظر السلطان مجرد خائن يأبى دفع الجزية ينبغي القضاء عليه .

الحرب التى انتظرها 

ثار محمد الفاتح أخيرا و أصبح يرى دراكولا عدواً حقيقيا ، و هو ما أراده فلاد حقا منذ البداية . جمع محمد الفاتح جيشا ضخما اختلف المؤرخين في عدده و لكن لم يقل عن ٩٤ ألف جندي . و ركن فلاد حينها لمللك المجر كورفينوس كعادته يطلب منه المساعدة ظنا منه ان رصيده الذي زاد عندهم سيجعلهم يدخلون في حربٍ مع العثمانيين ، و لكن هذا لم يكن ليحدث حتى بعد ان عرض عليه فلاد ان يتحول من الأرثوذكسية الي الكاثوليكية . فأضطر دراكولا لجمع كل من كان عمره لا يقل عن ١٢ سنة رجالا و نساء و جمع جيشا لا يستهان به اختلف ايضا المؤرخين في تقديره و لكنه لم يقل عن ٢٢ ألف جندي . و بدأت الحرب و تقدم العثمانيين و مع أولى محاولاتهم فروا من السهام على أبواب مدينة فيدن ثم نجحوا في احتلال مدينة تورنو سيفيرين و لكن هلك ٣٠٠ جندي عثماني في سبيل ذلك . و كان من المفترض ان يستمر تقدم الجنود ولكن حالت بعض حيل دراكولا حيال ذلك : 

١ – قام بتسميم المياه في طريق الجيوش 

٢ – وضع في طريقهم بعضا من الفخاخ و المصائد

٣ – أرسل من ينشر الأوبئة بين الجنود العثمانيين ممن يعانون من الجذام و الطاعون و السل و الزهري و غيرها من الأمراض 

٤ – قام بتدمير غالبية الموانئ البحرية الخاصة بالعثمانيين في بلغاريا 

و لكن لم يمنع هذا الجنود العثمانيين من التقدم بل استمروا لسبعة أيام بدون أى مأكل او مشرب حتى عسكروا أخيرا جنوب ولاكيا بينما كان يمكث فلاد و جنوده عند القوات الولاكية و يستمد منهم قوته .و حينها فاجئ دراكولا معسكرات العثمانيين ليلا بهجوم كان على رأسه ١٧ ألف جندي كان يهدف فيه إلى اغتيال محمد الفاتح ، و استطاع ان يتسلل بالفعل الى خيمته متنكرا في زى الجنود العثمانيين و لكنه وجد محمود باشا و اسحٰق باشا بداخل الخيمة . و لم يكن يعلم دراكولا ان ولاكيا سيتم مهاجمتها في الوقت ذاته استجابة من الأنكشاريين لما يحدث. و سقط خلال هذه المناوشات ٥٠٠٠ جندي والاكي و ١٥ ألف عثماني و انكشاري . و استكمل السلطان مسيرته حتى وصل لترغوفيشت التي تقول بعض المصادر أنها فتحت له أبوابها على مصراعيها و تقول مصادر أخرى انه وجدها مهجورة و لكن لم يختلف أحد على هول ما رآه بداخلها ؛ ٢٥ ألف جندي عثماني معلقين على الخوازيق و يتوسطهم خازوقا أكبر معلقاً عليه حمزة باشا . فلم يستطع ان يبيت بداخلها و قام بحفر خندق حول المدينة من الخارج و عندما استيقظ الجند صباحا أمرهم بالإنسحاب .

رادو

 استولى اخيرا السلطان على الأفلاق ثم ترك بها رادو ( رادو سل فورموس الأخ الأصغر لدراكولا ) و بعضا من جنود الإنكشاريين . ثم ابحر إلى أدرنة ليحتفل بإنتصاره على دراكولا . و قام بدعم رادو بكل ما احتاجه للدفاع عن الأفلاق أمام هجمات فلاد . و استطاع فعلا أن يتغلب الأخ الصغير على أخيه متأثرا بعقيدته الإسلامية في أكثر من مناسبة ، و قام بمحاصرته في قلعة بويناى و لكن استطاع فلاد الفرار بعد انتحار زوجته. و أجلسه السلطان على عرش البلاد بعد ذلك . استطاع رادو أن يستميل البويار و وعدهم بأن تعود لهم امتيازاتهم التى سحبها فلاد من بين أيديهم فوجدوا فيه خير حليف وأعانوه على التغلب على فلاد و حكم البلاد . قد يبدو ذلك مضحكا و لكن كما ذكرت كان البويار هم فعلا العدو الأكبر لفلاد . استمرت الحروب بين الأخوين حتى نفذ من دراكولا المال الذي كان يدفعه للمرتزقه ليساعدوه في حروبه. فذهب مرة أخرى لكورفينوس ملك المجر يطلب المساعدة ، و لا أفهم كيف عجز دراكولا عن ادراك استحالة ذلك . لكن ما لم يكن بحسبانه ان يكلفه ذلك اثنا عشر عاما من عمره مسجونا بعد ان اتهمه كورفينوس بالخيانة العظمى و بدأ نشر قصص عن دراكولا المرعب التي تم تداولها بين جموع شعبه ليبرر لهم لماذا لم يدعمه و قام بوضعه في السجن ، بل و أخبرهم ان دراكولا قام بأرسال رسالة للسلطان العثماني يدعوه فيها إلى السلام ثم جاء إلينا قاصدا الخيانة و زور كورفينوس هذه الرسالة بالفعل . 

لم يكتب له الإنتقام مرة أخرى 

أُطلق سراح دراكولا أخيرا بعد ازدياد خطر العثمانيين و توغلهم و بعد موت رادو المفاجئ . تزوج من الكونتيسة إيلونا زيلاغي إبنه عم كورفينوس بعد ان تحول أخيرا من الأرثوذكسية إلى الكاثوليكية. و بدأ يجمع قواته و الموالين له ليستولي على الأفلاق من جديد و هذه المرة بدعم مجري لعديل الأسرة المالكة . و لكن لم يتجاوز حكمه الثالث شهرين قبل ان يُقتل أخيرا في احدى معاركه مع العثمانيين كما ذكرنا . و انتهت أسطورة في عالم الشر لم يأتي لها مثيل . وصل عدد ضحاياها ل ٤٠ – ٨٠ ألف بشري دون أن نتطرق لحروبه و القرى التي أحرقها عن بَكرة أبيها ، و الحصون التي دمرها .

خاتمة 

يبدوا واضحا لنا وضوحا جليا تلك الظروف التى ولد و نشأ بها فلاد التي جعلته يكره الجميع .

 البويار و هم من تآمروا على أبيه و تسببوا في موته قتل أخيه الأكبر ،

 و العثمانيين الذين إستغلوا ضعف حكم أبيه و فرضوا عليه الجزية بل و أخذوا أبنائه رهينة حتى سداد الديون المستحقة للدولة العثمانية على الأفلاق ، 

و أخوه الذي وجد في محمد الفاتح خير صديق و تآلف معه في ظل عدم تآلف فلاد مع محمد الذي كان في نظره أميرا لدولةٍ مستبدة  … أخوه الذي بلغ في مولاته للعثمانيين انه أسلم و أصبح قائدا للجيوش و حاربه هو نفسه و انتصر عليه في إحدى قلائل هزائمه ، 

أم المجريين الذين اتفقوا مع البويار على عزل أبيه من الحكم ، و رفضوا مساعدته في كل مناسبة رغم ما كان يمثله من عداء للدولة العثمانية التي هى أعدى أعدائهم في الأرض .

 و لكن من جانب أخر لم يكن هناك ثمة تبرير لما كان يفعله بالبشر الطبيعين داخل بلاده من سلخٍ و نزعٍ للأحشاء و غلىٍ بالماء بل و وصول الأمر به لإجبار أم على أكل ابنها الرضيع بعد ان يشويه حيا و غير ذلك من الأفعال الشنيعة التي لم تكن لتخطر ببال شيطان .

و لم يكن هناك تبريرا لحروبه طوال حياته مع العثمانيين إلا انه لم يألف محمد الفاتح و لم يرد أن يكون مواليا له فقرر ان يحاربه مبررا لنفسه انه يبحث عن الإستقلال . ربما كنت لأحترم رغبته في الإستقلال بدولته من القوى الغاشمة المحتلة العثمانية إذا كانت أساليبه أفضل . إذا لم يحاول إغتيال محمد نفسه ، إذا لم يقتل ٢٥ ألفا من البشر بهدف بث الرعب في نفوس العثمانيين فقط . إذا لم يمثِّل بالجثث بعد انتقالها . 

لم يكن ثمة تبرير إلا أن الغل و الكراهية قد سيطروا عليه و صنعوا منه هذا الدراكولا الذي يُسيل دماء الجميع بدون رحمة أو تفريق او حتى إحساس بالشفقة … لأنهم يستحقوا … كان عليهم أن يفعلوا كما أريد . 

المراجع 

–  Dracula, Prince of Many Faces: His Life and His Times. Little, Brown and Company. 1989. ISBN:0-316-28655-9. 

– https://www.britannica.com/biography/Vlad-the-Impaler

 Vlad ||| ” Encyclopædia Britannica Online.”  2010 . 

Anuarul Institutului de Istorie Clu-Napoca, no. 35, Institutul de Istorie din Cluj, Editura Academiei, 1996.

– 

 Mehmed the Conqeror – And his Time. Princeton University Press. 1978. ISBN:0691099006. 2021-03-07.

–  “Prince Charles claims Vlad the Impaler as ancestor”. Today.msnbc.msn.com. 27 أكتوبر 2011 .

–  “Vlad the Impaler”.http://www.nndb.com.

– 

 Geringer, Joseph, Staggering the Turks, Crimelibrary.com . 

–  فريد بك، محمد (1909). تاريخ الدولة العليَّة العثمانيَّة. دار النفائس، بيروت، لبنان (1981).

–  Vlad Ţepeş 

–  Noi Izvoare Italiene despre Vlad Ţepeş şi

–  Mehmed the Conqueror and his time 

– Stoicescu, Nicolae. Vlad Ţepeş 

– “Vlad Tepes”. http://www.e-scoala.ro

– How did the Impaler die?”. http://www.exploringromania.com/index.html

–  Gutknecht (1521)

–  Harmening, Dieter (1983). Der Anfang von Dracula. Zur Geschichte von Geschichten. Königshausen+Neumann. ISBN:3-88479-144-3

– Garza، Thomas (2010). The Vampire in Slavic Cu

ltures. United States: Cognella . 

Avatar for عبدالحليم محمود

كُتب بواسطة عبدالحليم محمود

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for عبدالحليم محمود

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0