الفقر هو من المعضلات التي ما زالت البشرية تواجه صعوبات في حلها، رغم كل التقدم التكنلوجي الذي أحرزناه مؤخرا. لكننا في هذا المقال لن نتحدث عن مشاكل الفقر من منظور اقتصادي وسياسي، بل سنتحدث عن الفقير الذي يحصل على راتب شهري أو أسبوعي، فالعديد من هؤلاء يواجه مشاكل وأزمات مالية، التي من شأنها أن تغرقهم في معضلة الفقر وكثرة الديون.
ومن بين العادات الكثيرة التي تزيد من فقر الفقراء، نذكر:
لا يدّخر أي نسبة من راتبه
من عادة الفقير الشائعة هي أنه لا يَدّخِر شيئا من راتبه، مما يجعله غير متخدا لإحتياطاته وللمشاكل التي قد تحصل له بين الحين والآخر، فمثلا لو مرض، لن يجد مالا ليشتري به الدواء، مما سيدفعه هذا إلى اقتراض الأموال، وبالتالي الكثير من الديون كل مرة. (هناك مشاكل عديدة على كل شخص أن يكون جاهزا لها)
الإدخار المتعارف عليه هو 10%، ويمكن لهذه النسبة أن ترتفع أو تنخفض حسب الدخل. وعلى الشخص أن يدخر ليس فقط من أجل أخد احتياطاته للعقبات التي قد تأتي من دون سابق إنذار، لكن من أجل استثمار هذه الأموال التي قد تطل عليه بأموال أخرى مستقبلا.
إذا أردت أن تبقى فقيرا، لا تَدّخِر شيئا من راتبك.
الفقير لا يعرف أين تذهب مصاريفه
من عادة الفقير الثانية هي أنه لا يراقب أين تذهب أمواله، مما يعني أنه سيفقد السيطرة عليها، وقد ينتهي به المطاف مجددا مفلسا أو مدينا لشخص ما، فهو ينفق دون تفكير. والمضحك في الأمر هو أنه يتحسر على ذلك وغالبا ما يكرر عبارات مثل ” لا أعلم أين ذهبت كل أموالي ” ” لقد انتهى راتبي بسرعة “
ولكي تتجنب حصول ذلك، عليك وضع جدول للنفقات التي تقوم بها كل شهر أو كل أسبوع. قسم هذه النّفقات إلى نفقات ضرورية كفتورة المياه أو الكهرباء ونفقات غير ضرورية، ثم حاول أن تقلّل من إنفاقك على هذه الأشياء الغير ضرورية واعطي دائما الأولوية للنفقات المهمة.
تحديد النفقات الغير الضرورية يرجع لحياة كل شخص، فقد تكون السجائر ضرورية لشخص ما (لكن مراقبة هذه النفقات هو ما يهم، إذ أن الشخص سيكون دائما على علم بأين تذهب أمواله، وبالتالي إذا كانت السجائر مكلفة، قد يفكر الشخص حينها في التقليل من التدخين)
شراء أرخص الأشياء
من عادة الفقير أنه لا يحصل على راتب يكفيه لشراء الأشياء الباهضة الثمن، أو أنها ليست أشياء ضرورية كما قلنا، لكن الخطأ الذي يقع فيه الفقير هنا، هو أنه يشتري أرخص الأشياء حتى ولو كانت جودتها سيئة للغاية، فهو دائما يبحث عن الأثمنة المنخفضة دون اعتبار أي اهتمام لقيمتها وجودتها، عكس الناس الأغنياء أو المقتصدين، فهم يركزون على قيمة الأشياء، ثم الثمن.
شراءك لأشياء رخيصة وذات جودة سيئة قد يكون أمرا مُكلِّفا، لأن الأشياء ذات الجودة السيئة قد تنتهي صلاحيتها بسرعة، مما يعني أنه عليك أن تشتريها مرة أخرى، وبالتالي نفقات أكثر.
طبعا أنا لا أقول أن عليك أن تشتري أشياء ذات جودة عالية، إذ غالبا ما تكون باهضة الثمن، لكن يستحسن دائما شراء أشياء ذات جودة متوسطة والتي ستشعر أنها قد تطيل معك.
مثلا لو أردت شراء قميص، لا تشتري القمصان ذات الجودة السيئة، لأنها ستتدهور حالتها بعد عدد معين من الغسيل، في حين لو اشتريت قميص ذات جودة متوسطة أو حتى عالية، فقد يطيل معك، ولن تحتاج إلى شراء قميص آخر، إلا بعد فترة طويلة.
الفقير لا يأكل أكلا صحيا
من عادة الفقير كما قلنا، أنه يشتري أرخص الأشياء دون مراعاة لقيمتها أو جودتها، ومن بين هذه الأشياء: الطعام.
مسألة الغداء الصحي والعادات الغذائية الصحية هي آخر ما يفكر فيه الشخص الفقير، ولا يعود هذا لمسألة أن الراتب لا يكفي لشراء غداء صحي، لأن هناك أطعمة صحية ورخيصة الثمن.
استهلاكك لغداء غير صحي، كالأكلات السريعة والرخيصة، قد يكون مُكلّفا لميزانيتك المالية غير حالتك الصحية طبعا، فالغداء الغير صحي قد يسبب أمراض مستقبلية كمرض السكري والسمنة، إضافة إلى الآثار العقلية والجسدية، كاظطرابات في التركيز وقلة النوم.
وطبعا عندما نقول أمراض مستقبلية، فنعني بهذا نفقات مالية أكثر على الصحة وذلك بزيارة أطباء أكثر ومستشفيات أكثر وأدوية أكثر.
البديل الوحيد والجيد هو أن تركز على صحتك الغدائية من الآن فصاعدا، اشتري خضروات وفواكه بدل الأكلات السريعة، وغير أي عادة تبدو لك غير صحية إلى عادة صحية أفضل منها، بالإضافة إلى القيام ببعض التمارين الرياضية، وأو على الأقل المشي، كما أوضحنا فوائدها في مقال سابق.
الفقير يُضيّع الوقت
من السمة التي أشار إليها أغلبية علماء الاقتصاد في أنها تتسم بكثرة عند الفقراء.
الفقير يضيع وقته في أشياء ترفيهية، لا هي سنتفعه لتطوير وضعه المالي ولاهي ستنفعه في تطوير الذات والثقافة. أشياء مثل مشاهدة التلفاز أو الجلوس في المقاهي طيلة اليوم (وكأنه سيصير غنيا بجلوسه في المقهى طيلة اليوم ?) أو حتى تصفح الأنترنت بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي أو مشاهدة المسلسلات طيلة الوقت … الخ من الأشياء التي لن تزيد من وضعك شيء سوى الترفيه والبقاء في صندوق الفقر.
طبعا من الصعب هنا أن أمنحك نصيحة لو كنت تُضيّع وقتك في التفاهة، لأن المدمن مدمنا. ولا أعتقد أن الشخص الطموح سيبدر وقته، لكن لو أردت أن تبقى فقيرا وبائسا طيلة حياتك، فضيع وقتك في هذه الأمور.
أما لو كنت طموحا ومسؤولا عن حياتك ووضعك المالي والثقافي، فابدأ التفكير في تطوير نفسك وطور مهاراتك، وفكر دائما في استثمار أموالك أو مدّخراتك (كما قلنا في العادة رقم 1) لأن الناس الأغنياء لا يعتمدون فقط عن رواتبهم، لكنهم يستثمرون أموالا في العديد من الأشياء.
عدم تحمل المسؤولية
الفقير عادة ما يلقي مسؤولية فقره على الآخرين، ومن أكثر الأعذار شيوعا “الدولة هي السبب” أو “الدولة لم تمنحنا تعليما جيدا” “ليس عندي وقت” الخ آخره من الأعذار. ولو سألت أي فقير عن سبب فقره فسيجيب دائما بالأعذار.
تحملك لمسؤوليتك سيجعلك واعيا بالأمور التي تفعلها ومدركا لها. كما أنك ستحاول دائما تطوير نفسك لتحقيق أهدافك.
فقط اسأل نفسك؛ هل أقوم بالعادات التي تجعل مني فقيرا ؟ هل أدخر نسبة من راتبي ؟ هل أراقب أموالي ؟ هل أشتري أشياء ذات جودة جيدة ؟ هل تغذيتي صحية ؟ هل أضيع وقتي في أشياء ترفيهية أم أنني أدرس وأقرأ وأطور ماهاراتي ومعارفي ؟
إذا كان الإجابة على هذه الأسئلة بلا، فتحمل مسؤوليتك إذا.
خلاصة
خلاصة القول، إذا كنت تتسم بكل أو أحد هذه العادات، فحاول أن تتخلص منها لو كنت شخصا طموحا، وسِر في طريقك نحو تحقيق أهدافك.
من المهم أن نعلم أن السبب الرئيسي وراء فقر الفقراء هو العادات التي يقوم بها الفقراء في حياتهم، والعقلية الفقيرة التي يتسمون بها، كما قال عالما الاقتصاد (Abhijit V. Banerjee) و (Esther Duflo) في كتابهم الشهير اقتصاد الفقراء.
وفي هذا الصدد، أرشح كتاب الأب الغني والأب الفقير لكل شخص طموح. كتاب مهم جدا لكل شخص يريد أن يفهم عقلية الفقراء والأغنياء، وكيف تدير أموالك وتُسيّرها. وقد يغير تفكيرك تجاه أشياء لن تخطر على بالك، كالفرق بين الالتزامات والأصول، وكيف تسثمر أموالك.