من أهم الأشياء التي على كل شخص أن يكون على دراية بها هي أسباب الفشل في الحياة. فحتى لو كنت ناجحا في حياتك المهنية، قد تكون فاشلا في حياتك الزوجية مثلا، وهذا ما يجعل بعض الأسباب تأثر على حياتك بالكامل وتعيق تقدمك نحو النجاح أو الأهداف التي وضعتها في حياتك.
وأحببت أن أشير إلى شيء مهم قبل توضيح أسباب الفشل في الحياة ألا وهو التعامل مع الفشل نفسه، وأريد أن أقول أن الفشل أمر عادي جدا جدا جدا، إذا فشلت في مجال ما، في دراسة ما، في عمل ما … فهذا ما سيجعلك قويا بدل أن تتحسر أو تبكي أو تشكو لأنك فشلت، الغير عادي هو أن تفشل وأن تبقى في الفشل.
الفشل هو ما جعل من الأغنياء أغنياء، ومن الناجحين ناجحين. عليك أن تفشل كي تجرب وكي تصحح من أخطائك، وبدون الفشل لن تتعلم شيء. عليك فقط أن تدرك هذا الأمر لتستطيع النهوض مرة أخرى في حالة فشلك.
حاول أن تقرأ هذه الأسباب بتمعن، وحاول أن تعرف الأسباب التي تتوفر فيك لمراجعتها وتصحيحها مستقبلا.
الموروثات السلبية
والمقصود بها الأمراض الوراثية أو المشاكل الجسدية كالإعاقة أو العاهات المستديمة …الخ
قد تكون لهذه الموروثات السلبية سببا في فشلك في العديد من مجالات الحياة، ومن الصعب القول أن عليك التخلص منها لأن ذلك شبه مستحيل.
لكنه ليس مستحيل، فستيفن هوكينج العالم الفيزيائي المشهور، كان مصاب بشلل كلي وقد قال الأطباء أنه لن يعيش لأكثر من سنتين، لكنه مع ذلك قاوم المرض وخصصوا له كرسي متحرك ذكي قادر على تحويل حركات عينيه إلى شيء مكتوب ومسموع بواسطة جهاز حاسوب مخصص لذلك … فكتب أبحاث عديدة، وألف كتب رائعة، وقدم نظريات مبهرة في علم الفيزياء ….
إذا كنت مصاب بأحد الأمراض الوراثية، فحاول أن تبحث دائما عن الحلول المتوفرة، لا تجعل هذه الأمراض تقف في طريقك نحو أهدافك. إذا لم تجد أي من الحلول، فلن يبقى أمامك سوى أن تغير أهدافك لتتناسب مع الموقف الخاص بك.
عدم وجود هدف في الحياة
إن من أكبر أسباب الفشل في الحياة هي أن تعيشها بشكل عشوائي بدون وضع هدف أو أهداف معينة.
الافتقار إلى هدف في الحياة، قد يجعلك شخصا كسولا بين عشية وضحاها، وانعدام الهدف سيجعلك عاجزا عن العمل أو الدراسة، وبالتالي ستقع في حفرة الفشل، ولن تستطيع الخروج منها بسهولة إلا بوضعك للأهداف مسبقا.
كلنا نملك أهدافا معينة في الحياة، قد تكون هذه الأهداف عبارة عن أحلام للبعض، فكل ما عليك فعله هو تدوين هذه الأهداف على ورقة ملموسة (ليس فقط جهازك المحمول أو هاتفك الذكي).
بكتابتك لأهدافك، سواء أهداف سنوية أو شهرية، ستصبح لحياتك مغزى وهدف معين تسعى إليه، وتذكر أن تضع قائمة أهدافك في مكان تراه كل يوم، كي تتذكرها وتراجعها كل يوم، وكي تزيد لك الحماس للعمل أكثر وأكثر.
أتمنى أيضا أن تفرق بين الحاجيات والأهداف، فمثلا شراء سيارة قد تكون مجرد حاجة (إن لم نقل رغبة) لذا فمن الأفضل عدم وضعها في قائمة الأهداف. كما يجب أن تفرق أيضا بين الأحلام والأهداف وأن تراعي الفروق بينهما، فالوصول إلى حلم معين يحتاج إلى أهداف معينة. مثلا الحلم بأن تصبح طبيب سيتحول إلى أهداف عديدة كالحصول على الباكالوريا ثم النجاح في الجامعة بنقطة كدا وكدا …الخ
الافتقار إلى الطموح
قد تكون من الأشخاص الذين يضعون أهدافا، ويكتبونها ويدونونها …الخ، لكنهم يصطدمون بواقع أنهم عاجزين كل العجز عن السعي وراء هذه الأهداف. يعود سبب ذلك إلى افتقار الطموح، فالطموح من الأشياء المهمة بعد وضعك لأهدافك.
افتقار الطموح قد يعود لسببين، إما أنك لم تراعي المعايير الصحيحة لوضع الأهداف، ككتابتك للعديد من الأهداف، أو أهداف صعبة المنال، أو تفوق قدراتك العملية أو المعرفية … الخ.
ويعود السبب الثاني في انعدام الثقة في النفس والتي سنتحدث عنها في السبب التالي.
إذا شعرت أنك تفتقر إلى الطموح، فراجع أهدافك جيدا، ولا تظغط على نفسك أكثر من اللازم، فالظغط يولد الانفجار (مجرد مزحة) فالظغط قد يصعب عليك الأمر وقد يجعلك تعتقد أنك فاشل وأنك لا تستطيع تحقيق حتى هدف واحد في حياتك.
صحيح أن جميعنا نريد تعلم أشياء كثيرة في وقت قصير جدا، فتجدنا نريد تعلم لغة معينة في 6 أشهر، أو تعلم البيانو في شهرين … إنها طبيعتنا الإنسانية، وما عليك سوى أن تتفهم أن إتقان شيء ما أو موهبة معينة يحتاج إلى وقت، بالإضافة إلى الممارسة اليومية وأهداف واضحة.
انعدام الثقة في النفس
لا يمكنك أن تنجح في حياتك إن لم تكن شخصا يثق في نفسه (من البديهي أن نقول ذلك)، وغالبا ما تعود أسباب انعدام الثقة في النفس إلى الخوف من الفشل، أو القلق الدائم على المستقبل.
ولن أعطيك أية وصفة سحرية أو كتاب معين لزياة الثقة في النفس، فالثقة بالنفس تكون مبنية على المعرفة والمهارات التي تتقنها، إذا لم تكن جيدا في مجال ما، فلا تحاول إقناع نفسك بزيادة ثقتك في نفسك من أجل النجاح في هذا المجال، كل ما عليك فعله هو أن تعرف نفسك جيدا، قم باختبار الشخصية لمعرفة نقاط قوتك ونقاط ضعفك، وركز عليهما معا.
التعليم الغير الكافي
قد يكون التعليم الغير الكافي سببا من أسباب الفشل في الحياة. فالتعليم هو الأساس الذي تبني به مستقبلك ونجاحك، كما أنك ستحتاجه في العديد من مجالات الحياة.
ولا أعتقد أن هذا الأمر يعتبر مشكلة، لأننا في زمن الأنترنت والتكنلوجيا ولا شيء يمكنه إيقافك عن التعليم.
يمكنك تعلم أي شيء الآن، حتى المجالات التي لم تعتقد يوما أنك ستستطيع دراستها بسبب أنها غير متوفرة في البلد الذي تعيش فيه. يمكنك أيضا الحصول على شهادات عالمية من مواقع مثل (Cybrary) في مجال حماية المعلومات أو موقع (Saylor) في مجالات عديدة مختلفة كما أن بعض الجامعات كجامعة كامبردج تقدم دورسها أونلاين وبالمجان، وكأنك ستدرس في هذه الجامعة وأنت فقط بالمنزل.
إذا كنت تعتقد أنك شخصا فاشلا لأنك لم تتلقى تعليما كافيا، فأنت مخطأ، لأن هذا عذر يمكننا قبوله لشخص عاش في زمن ما قبل ظهور الأنترنت. وأهم شيء هو أن لا تتوقف إطلاقا عن التعلم والقراءة، فهي من السمات المتميزة عند الناجحين والأغنياء.
التسويف
” لا تأجل عمل اليوم إلى الغد ” المقولة المشهورة التي لا يطبقها أي أحد.
التسويف يدل على الكسل لا أكثر ولا غير، ولا أعتقد أن الناس الطموحين سيقومون بتأجيل أعمالهم ليوم آخر. فالتسويف سيجعل عملك يتراكم شيئا فشيئا، مما يعني أنك ستظل تأجل في أعمالك إلى مالانهاية.
يمكن لبعض الكتب أن تساعدك في القضاء على التسويف، وهي كتب عملية، إذا ما طبقت ما فيها فحتما ستساعدك. وأرشح في هذا الصدد كتاب ساعدني في التغلب على التسويف (ولو بشكل قليل) وهو كتاب (Eat that frog)، وأعتقد أن هناك ترجمة باللغة العربية لهذا الكتاب، لكنني لا أعلم هل ستكون بنفس الجودة والأسلوب للكتاب الأصلي.
خلاصة القول، التسويف هو فيروس من الفيروسات التي نصبتها الطبيعة في أدمغتنا، فلو أخدناها من منطلق بيلوجي، نحن البشر كسلانين بطبيعتنا، وأجسامنا لا تريد أي شيء سوى الحاجيات المهمة الفيسيولوجية، لذا عليك أن تشن حربا قاسية على هذا الفيروس والتخلص منه في أسرع وقت، فهو من الأسباب الرئيسية في الفشل.
الاختيار الخاطىء للوظيفة
يسعى العديد من الناس إلى البحث عن فرص عمل، من أجل المال وتحقيق حاجياتهم المهمة، لكنهم يتغاضون كليا عن أهمية اختيار عمل يحبونه أو يهتمون به. ويعتبر هذا الخطأ من الأسباب الرئيسية في الفشل في الحياة.
قد يكون الأجر الذي تتلاقاه في آخر الشهر أمرا جيدا لك، إذ أنه يسعدك ويلبي كل حاجياتك الضرورية، لكن من الناحية النفسية، فقد تكون حالتك تتدهور بشكل غير ظاهر.
ولتخطي هذا الخطأ الذي يقع فيه العديد من الناس، أنصحك باجتياز اختبار الوظيفة، لتتمكن من معرفة الوظيفة المناسبة لك. وحاول أن تبقي أمر العمل الغير مرغوب هو الخيار الأخير في حالة كنت في أزمة مالية أو تعاني من الإفلاس …
الاختيار الخاطىء لشريك حياة
اختيارك لشريك حياة خاطىء قد يسبب في فشلك. وما أقصده هنا من ناحية هو أن العلاقة بين شريك حياتك هي علاقة مترابطة، فإذا كان الشريك كسلان أو فاشل، فسيأثر هذا عليك أنت أيضا.
أما من ناحية أخرى، فالعلاقة بين شريك الحياة تكون علاقة حميمية وعاطفية، وإذا لم تكن هذه العلاقة مستقرة، فستخلق مشاكل بين الشريكين، وقد تُحدث لهما مشاكل نفسية التي ستأثر بدورها على الحياة اليومية والمهنية.
لذا من الأفضل اختيار شريك يتوافق معك في طموحاتك وأهدافك، أو تعديل هذه العلاقة إذا كانت غير مستقرة، كما أن الشريك إذا كان شخص إيجابي، قد يساعدك أكثر في تشجيعك على الوصول إلى أهدافك.
المخاوف والشخصية السلبية
هناك 6 مخاوف أساسية يخافها الانسان، فتكون بذلك سببا من أسباب الفشل في الحياة
الخوف من الفقر (7 عادات سلبية يفعلها الفقراء)
الخوف من النقد.
الخوف من المشاكل الصحية.
الخوف من فقدان شخص ما.
الخوف من كبر السن.
الخوف من الموت.
قد يكون الخوف أمر عادي، فالخوف سيساعدك على اتخاد كل التوقعات المحتملة، لكن يصبح الأمر سيئا إذا كانت هذه المخاوف مفرطة وتسبب قلق دائم، مما يعني أنك لن تفعل شيئا حيالها، فأنت ستستمر في الخوف دون مواجهته، وبالتالي ستقع ضحية لهذا الخوف الذي لن تنجح بوجوده في حياتك.
المخاوف التلاثة الأخيرة هي أمور عليك أن تكون مستعدا لها، سواء نفسيا أو جسديا، ويجب أن تتقبل الأمر بكل أريحية، فهي أمور حتمية وستحصل لا محالة. لذا من الأفضل أن لا تترك هذه المخاوف تسيطر على حياتك أو أن تكون سببا في الفشل.
أما بالنسبة للمخاوف الأولى، فهي تدل على أن لك شخصية سلبية بمواصفات سلبية، فالخوف مثلا من الفقر يأتي بسبب كل ما ذكرناه في العناوين السابقة من انعدام الثقة في النفس والطموح وأهداف في الحياة.
أسباب أخرى
أسباب الفشل في الحياة عديدة لدرجة أننا لا نستطيع التحدث عن كل واحدة منها بالتفصيل، لذا سأضع العناوين المتبقية بدون تفصيل، وذلك لمدى سهولة فهمها وإيضاحها:
الافتقار إلى المثابرة
الافتقار إلى الحماسة
الافتقار إلى تركيز الجهود
الحذر المفرط
الإيمان بالخرافات والتحيز (مثلا الإيمان بأن الناس يحسدونك …)
التعصب
الإدمان (الإدمان على مواقع التاوصل الاجتماعي مثلا)
الأنانية والغرور
عدم القدرة على التعاون مع الآخرين
التخمين بدلا من التفكير
نقص رأس المال (يمكن حل هذه المشكلة بالتخطيط الجيد والقليل من الصبر، لا تجعلها عذرا في فشلك)
خلاصة
قد تكون هناك أسباب أخرى لم نذكرها، وسيكون أمرا جيدا لو تشاركنا في التعليقات بأسباب أخرى ترى أن لها سببا في الفشل في الحياة.
غير ذلك، حاول أن تركز على هذه الأسباب إذا لاحظت أنها تنطبق عليك، وتذكر الكلمات الأولى التي ذكرتها في بداية هذا المقال؛ الفشل عادي جدا جدا جدا، الغير عادي هو أن تبقى شخص فاشل.