in

الإدمان على فايسبوك: ما الذي يجعلنا ندمن على هذا الموقع ؟

الإدمان على فايسبوك

موقع فايسبوك، وكما هو معروف، هو موقع ضخم ضمن فئة مواقع التواصل الاجتماعي، أي أنه يخلق فضاءً عاماً لمختلف الناس من مختلف بقاع الأرض من أجل التواصل والتفاعل ومشاركة الأفكار والآراء .. الخ، لكن السؤال المطروح هنا هو أن فايسبوك يجعل مستخدميه مدمنين، و الإدمان على فايسبوك ليس فقط مجرد فعل دائم يقوم به الشخص، بل ترافقه أعراض الإنسحاب التي تتجلى في الغضب والتوتر إذا لم يقم الشخص بزيارة هذا الموقع.

حسنا، للإجابة على السؤال المطروح في العنوان علينا أولا أن نعلم كيف يقوم دماغنا بالإدمان على أي شيء، بما في ذلك موقع فايسبوك ولماذا فايسبوك بالذات وليس أي موقع آخر.


كيف يتم الإدمان عموما ؟


إن السبب الرئيسي في الإدمان هو هرمون الدوبامين، وهو هرمون يفرزه الدماغ ويرتبط بشعور السعادة أو الإثارة كي نكون أكثر دقة. يُفرز هذا الهرمون في حالات كثيرة كتذوق طعامٍ لذيذ أو حصولنا على المال أو رؤيتنا لوجه جذاب، أو ممارسة الجنس أو الإستمناء، وهو بالظبط نفس الهرمون الذي يفرز عند استهلاك المخدرات كالكوكايين.

لعب الدوبامين دورا مهما في بقاء البشر، فهو هرمون يقوم على نظام المكافأة من أجل تكرار فعلٍ ما يَرى العقل أنه ضروري للبقاء، فمثلا عند ممارسة الجنس، يُفرز هذا الهرمون ويَشعُرُ الشخص بنشوة جنسية تغمرها السعادة كشكل من أشكال المكافأة التي يقدمها لنا الدماغ من أجل تكرار هذا الفعل لأنه مهم وممتع.

وكي نلخص الأمر، فكأن الدماغ يتحدث مع الجسم ويقول “هذا الفعل رائع، قم بتكراره لأمنحك نفس الشعور” وبالتالي يدخل الجسم في بدايات الإدمان، حيث يتم مع الوقت انخفاض إفراز الدوبامين لفعلٍ معين، مما يعني أن الشخص يحتاج تكرار الفعلِ أكثر من مرة للحصول على نفس كيمة الدوبامين التي حصل عليها في المرة الأولى، أو التي يحتاجها جسمه يوميا.

وليس من الغريب أن نرى أن مدمني المخدرات يستهلكون كمية قليلة في بدايات إدمانهم، وسرعان ما تزداد هذه الكمية لتصل إلى كميات خيالية، مما يزيد من صعوبة خروج الشخص من حالة الإدمان.



الإدمان على فايسبوك وعلاقته بالدوبامين


مرورا إلى فايسبوك الآن، يقوم فايسبوك بتوفير هذا الدوبامين لمستخدميه، ويتم إفراز هذا الهرمون عندما نتلقى إعجابات وتعليقات على المنشورات التي نقوم بنشرها على بروفايلاتنا، ولا شك أن الأغلبية منا يقوم بتعديل الصور وتزيينها وتصحيح الأخطاء فيها قبل نشرها على فايسبوك، مما يعني بشكل قد لا تدركه، أنك تهتم للتفاعل الذي ستتلقاه من أصدقائك تجاه هذه الصورة، وبالتالي سيستمر عقلك في التفكير بشأن هذا الأمر طيلة الوقت.

وصحيح أن البعض الآخر من الناس يقومون بمشاركة منشورات وقصص حزينة، ولكن الهدف من هذا هو حاجة الجسم إلى هرمون الأوكسيتوسين “هرمون الحب” ولما له من دور مهم بشعور الشخص بالاهتمام والحصول على الدعم والمساعدة من أصدقائه. وفي هذه الحالة، عندما يتم التفاعل مع مثل هذه المنشورات خاصة بالتعليقات والرسائل، يشعر الشخص بالاهتمام والدعم الذي يحتاجه، والذي يساعده أيضا في تخفيف الألم الناتج عن إفراز الكورتيزول “هرمون التوتر”.

يخدع فايسبوك عقولنا ويجعلها تعتقد أن الأصدقاء والأحباء محيطون وقريبون منا، وهو شيء كان في القدم ضروري لبقاء العرق البشري، لكن ورغم تطور البشر لأكثر من آلاف السنين، إلا أن التجارب تُأكد أن الإنسان فشل في عدة مستويات لإدراك الفرق بين الصور والأشخاص الحقيقيين.

لقد طُوّر فايسبوك ليكون أكثر إدمانا من ذي قبل، ويمكننا ملاحظة ذلك من الأزرار الجديدة التي أضافها فايسبوك كزر قلب، وأضحكني، وأحزنني … إضافة إلى خاصيات أخرى كتشغيل فيديو آخر بشكل تلقائي بعد نهاية أي فيديو، كالألعاب، خاصية المباشر، منشن لصديق، منشورات الذكريات، الستوريز، وتهنئات أعياد الميلاد … وغيرها الكثير والكثير من الخاصيات الأخرى التي تُطوَّر كل يوم، ويكون الهدف الرئيسي منها هو إبقائك على فايسبوك أكبر وقت ممكن، إذ أتبثت العديد من الدراسات حول هذا الأمر، أن فايسبوك يحفز عقل مستخدميه على إفراز هرمون الدوبامين عند تلقيهم إشعارات أو تعليقات أو أي تفاعل من طرف المتابعين أو الأصدقاء تجاه المنشورات أو الصور.

ولكي نلخص الموضوع، يحفز فايسبوك على إفراز كميات كبيرة من الدوبامين بالإضافة إلى تقديم علاج فعال للوحدة، فعندما يقوم الشخص بنشر صورة ما أو منشور ما على فايسبوك، فالدافع الأساسي هو الحصول على قدر من الاهتمام والتفاعل وعدد كبير من اللايكات والتعليقات، إذ كلما زاد هذا العدد كلما أفرز الدماغ كمية أكبر من هرمون الدوبامين، وبالتالي دخول الشخص في حالة من الإدمان من أجل الحصول على هذا الدوبين بشكل يومي.



كيف تتخلص من الإدمان على فايسبوك


من أجل التخلص من الإدمان على فايسبوك ، عليك أن تتبع نفس الطريقة المستخدمة في التخلص من أي إدمان آخر، وتشمل هذه الطريقة علاج طويل المدى وذلك بالتقليل من الوقت الذي تقضيه على فايسبوك في كل يوم أو في كل أسبوع بشكل تدريجي ومساوٍ، كما أن على الشخص أن يستبدل هذا الموقع سواء بموقع آخر أو بفعلٍ آخر من أجل الحصول على كمية الدوبامين التي يحتاجها جسمه يوميا.

غير هذا، فموقع فايسبوك يقوم بمنحك خاصية تعديل إعدادات الإشعارات أو الصفحات التي تظهر على حسابك، وقد تحدثنا عن هذه الخاصية في الجزء الثالث من مقال عن الأشياء التي تضيع الوقت، يمكنك أن تلقي نظرة عليه إذا كنت مهتم بالتخلص من إدمان فايسبوك الذي يقضي على أعمارنا دون أن نشعر.


مرجع:

Eva Ritvo M.D, Facebook and Your Brain, Psychology Today, May 24, 2012.


Avatar for فكر حر

كُتب بواسطة فكر حر

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for فكر حر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0