in

أشياء أكرهها في عالم الشركات

أسامة العريقي


عالم الشركات هو عالم معقد ومتداخل، يتميز بالتحديات وبالتالي هناك جوانب قد تكون محيرة أو محبطة بالنسبة للبعض. في هذه الكتابة، سأتناول هذا العالم من جانب مختلف تماماً وفق رؤية ومنظور وفلسفة شخصية. من وهم روح الفريق والتكلف الإداري حتى الطريقة التي يتم فيها التعامل مع الموظفين والترتيبات الهيكلية للشركات، سأتطرق لهذه القضايا باختصار وأحاول توضيح منظوري لها من باب اشياء أكرهها.



اشياء اكرهها في عالم الشركات:



العمل في مجموعة

في دراسة نشرت في مجلة “علم النفس الاجتماعي والشخصية” توصل الباحثون إلى أن المجموعات التي تُظهر تقديرًا واحترامًا لأفرادها وتحترم مساهماتهم المختلفة تميل إلى أن تكون أكثر نجاحًا وروحًا فعلية للفريق. هذا يتعارض مع الشركات التي تتظاهر فقط بوجود روح فريق. حيث انه في العديد من الشركات تكون المجموعة سامة، والقول بوجود روح الفريق والعمل الجماعي ماهو الا دس السم في العسل، حيث انه في الحقيقة لا يوجد اي روح للفريق الا لما يريده فقط صاحب العمل او المدير، وهي تحقيق الأموال، وحتى لو كان ذلك على حساب افراد الفريق. فمثلاً قد يحدث بأن يتم التخلي عن احد افراد الفريق والذي قد يكون محلص ولديه روح الفريق التي يدعون اليها، ولكن مثلاً بسبب متعلق الاموال كالحفاظ على الاموال او التوفير، سوف يتم التخلص من هذا الفرد في اقرب فرصة. انه امر محزن وامر مضحك بنفس الوقت. محزن للأفراد الذين يقعون في هذا المأزق ويصدقون الكلمات الرنانة التي يتم التغني بها داخل هذه الشركات، ومضحك لان هذا المدير او صاحب العمل يناقض نفسه. فمن رأيي بان روح الفريق والعمل الجماعي شيء مقدس وله مباديء وقيم لا توجد في اغلب الشركات التي تدعي ذلك. 


تصنيف الناس الى طبقات

تصنيف الناس الى طبقات بواسطة الهيكل الاداري للشركات، واظهار الأفضلية عن طريق مفهوم المدير والموظف، وما يعززها من مصطلحات مثل هذا مديري. فبالنسبة لي، لا احب مصطلح هذا مديري، ولا ارى ان المدراء هم يديرون الاشخاص، وانها ليست صحيحة لا لغوياً ولا واقعياً. فالمدير هو مدير العمل وليس مدير الاشخاص، هو مدير العمليات والمهام، وليس مدير الأشخاص. نحن لسنا عبارة عن اشياء او جماد ليتم ادارتنا. نحن بشر وكل فرد هو إنسان واعي وله ذات وله قدره مثل اي شخص اخر وكلنا متساوون كبشر. الفيلسوف ميشيل فوكو في كتابه “رقابة وعقاب” يتناول الطريقة التي يتم بها التحكم في الأفراد وتنظيمهم داخل المؤسسات، وهذا يمكن أن يطبق على الهيكل الإداري للشركات. حيث يتم تقسيم الأفراد وفقًا لأدوار محددة وهياكل سلطة، مما يمكن أن يؤدي إلى تهميش الأفراد وتقليل قيمتهم. في علم النفس الاجتماعي، هناك مفهوم يدعى “التصنيف الاجتماعي”، الذي يشير إلى كيفية تقسيم الأفراد إلى مجموعات بناءً على معايير معينة، مثل المركز الوظيفي. هذه الأقسام قد تؤدي إلى تكوين استراتيجيات فعلية وظاهرية تعزز من الفوارق وتقلل من التعاون. بالنسبة لي فإنني أرى المدراء من منظور مختلف. فالمدير هو ليس مديري، وانما مدير الشركة، وحتى المدراء الاخرين للأقسام والفرق المختلفة ماهم الا ممثلين لمدير الشركة وصاحب العمل. وهم من يمكن أن يطلق عليهم فريق واحد او مجموعة واحدة، اي المدراء في شركة معينة، لانهم يتشاركون في ادارة وامتلاك الشركة وخصوصاً اذا امتلكوا نسبة او اسهماً فيها.ولا ارى الشركة كفريق او مجموعة او مكان انتمى اليه وانما عبارة عن زبون لي اقوم بتقديم خدماتي له وتنفيذ العمل  المطلوب تماماً كما يقوم أي شخص بتقديم الخدمة او المنتج لزبائنه لا اكثر ولا اقل. السوسيولوجي ماكس فيبر كتب عن “قفص الحديد” للرأسمالية، حيث يصبح الأفراد محصورين في نظام من الكفاءات والتقديرات، مما يجعلهم يرون أنفسهم ببساطة كجزء من آلة أكبر. 

في ضوء ما تم تناوله، يُظهر عالم الشركات وجهًا غير جذاب في كثير من الأحيان، حيث تتجلى المشكلات في فقدان الروح الجماعية الحقيقية وتصنيف الأفراد وفقًا لهياكل هرمية راسخة. العديد من الشركات تستعرض روح الفريق والعمل الجماعي كجزء من ثقافتها، لكن الواقع يُظهر أن هذه الروح غالبًا ما تكون سطحية ومجرد واجهة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتقسيمات الهرمية والتصنيفات الاجتماعية أن تؤدي إلى نقص في الاحترام والقيمة المُعطاة للأفراد. ومن خلال المنظور الذي حاولت ان اوضحهه في هذه المقالة، بأن الفرد ذو قيمة اكبر من أن يتم اذابتها في كيان رأس مالي باحث عن تحقيق الارباح وفقط، وتحت اي ستار، منها ادعاء قيم الولاء وروح الفريق. ومن خلال ماتحدثت عنه، فإن الشركات ماهي الا عملاء، ولا ينبغي لنا ان نراهم الا عملاء نقوم بتدقيم خدماتنا اليهم، مثل مايقوم البائع ببيع منتجه لزبائنه، الا اذا كنا على استعداد بان نصدق اكذوبة الولاء وروح الفريق لنجد نفسنا يوماً ما وفي غمضة عين قد تم الإستغناء عنا. 


Avatar for أسامة العريقي

كُتب بواسطة أسامة العريقي

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for أسامة العريقي

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0