in ,

أضرار إدمان الأفلام الإباحية + 5 مراحل للتخلص من هذا الإدمان

التخلص من إدمان الأفلام الإباحية

إدمان الأفلام الإباحية أصبح من المشاكل الرئيسية، إن لم نقل أول مشكل يعاني منه الشباب في عصرنا الحالي، فهو نوع جديد من الإدمان، بحيث لا يحتاج المرء أي شيء لاستهلاكه سوى توفره على أنترنت وامتلاكه لجهاز هاتف ذكي أو حاسوب.

إن مجانية هذه الأفلام والفيديوهات الإباحية جعلت منها السبب الرئيسي في انتشارها كالنار في الهشيم بين جل الشباب المتلهفين لمشاهدة هذا النوع الجديد من المحتوى، والذي يغنيهم بكميات هائلة من النشوة (الدوبامين) كما سنوضح بالتفصيل في هذا المقال.

إن الإحصائيات تخيف حقا، فقد وجدت دراسة أخيرة أن 33% من الذكور البالغين أعمارهم بين 16 و 34 سنة هم مدمنين على هذه الأفلام الإباحية، بالإضافة إلى أن هذه النسبة في تزايد مستمر مع الوقت. إنه حقا رقم مخيف! 33%، هذا يعني ثلث الذكور في أي مجتمع هم مدمنين على مشاهدة هذه الأفلام.

وليس هذا فقط، فقد وجدت دراسات أخرى أن الإناث أيضا أصبحوا مدمنين كذلك على هذه الأفلام (رغم انخفاض نسبة الإناث مقارنة مع الذكور)، إلا أن هذه النسبة هي أيضا في ارتفاع مستمر.

يسبب إدمان الأفلام الإباحية العديد من المشاكل منها النفسية والصحية، بالإضافة إلى مشاكل في الحياة الحميمية أو الجنسية للشخص، إلى جانب شعور الشخص بالفشل والعجز لإتمام المهام اليومية … وغيرها من المشاكل التي سنتطرق إليها لاحقا.

في هذا المقال، سنتاول إدمان الأفلام الإباحية بداية من تعريف الإدمان بحد ذاته كمشكلة رئيسية، ومعرفة ما يقع خلف الكواليس في دماغ الإنسان، ثم سنتطرق إلى الأعراض والأسباب والمشاكل التي يسببها إدمان الأفلام الإباحية على الشخص، وفي الأخير الطرق التي ستمكن الشخص من التخلص من هذا الإدمان ولماذا يجب فعل ذلك. بقرائتك لهذا المقال إلى نهايته، نأمل أن نشجعك على التخلص من إدمان الأفلام الإباحية في حالة كنت مدمنا عليها، أما إذا لم تكن كذلك، فقراءة هذا المقال ستساعدك على فهم طريقة عمل دماغ الإنسان، الشيء الذي سيجعلك مدركا للمخاطر التي قد يتسبب بها أي إدمان كان على حياتك الشخصية.



محتوى المقال

الإدمان ومسارات المكافئة

في كل مرة نتعلم فيها مهارة جديدة، يتم خلق مسار عصبي جديد في الدماغ، ويتم تقوية هذا المسار وحفظه في كل مرة نمارس فيها هذه المهارة الجديدة، ثم يتحول هذا المسار بعد العديد من الممارسات إلى مسار قوي ومتأصل، بحيث يصبح الشخص ماهرا في المهارة بشكل غير واعي. فمثلا تعلم البيانو سيخلق مسار جديد في الدماغ، وهذا المسار سيكون ضعيفا في البداية، لكن مع مرور الوقت ومع الاستمرار في التدرب على تعلم البيانو، يصير هذا المسار كبيرا وقويا لدرجة أن الشخص سيرى أن لعب البيانو أصبح سهلا لدرجة أنه لن يحتاج إلى مشاهدة دروس للقيام به.

للأسف، يحدث هذا الأمر مع الإدمان أيضا، فعند إدمان الشخص على شيء ما كإدمان الأفلام الإباحية، يتم خلق مسار عصبي جديد في الدماغ، ومع مرور الوقت يصبح هذا المسار قويا ومتأصلا لدرجة الإدمان عليه بشكل غير واعي، خاصة إذا كان هذا المسار الجديد مرتبطا بهرمون الدوبامين، الذي يساعد على تقوية هذا المسار بشكل سريع، الشيء الذي يؤدي في النهاية إلى الإدمان وصعوبة التخلص منه.

إن هرمون الدوبامين هو من الأشياء الرئيسية التي تساعدنا على تذكر هذه المسارات العصبية في الدماغ، فلو كان هذا المسار العصبي يكافئنا بكمية ولو ضئيلة من الدوبامين فسيتم تذكره بهدف تكرار الفعل الذي سيعزز هذا المسار ويقويه، والهدف طبعا هو الحصول على المكافئة في النهاية.

تحدث هذه العملية مع أي شيء نستمتع به في حياتنا، فالطعام مثلا يكافئنا بكميات معينة من الدوبامين، الشيء الذي يجعلنا نتذكر تناول الطعام بهدف الحصول على المكافئة في النهاية، وغالبا ما يحدث هذا الأمر بكثرة مع الأطعمة المليئة بالسكريات، والمضحك في الأمر أن هذا أيضا من الأسباب الرئيسية التي تجعل البعض مصابين بالسمنة. الأمر كله متعلق بهرمون الدوبامين، فهو عدو وصديق في نفس الوقت.

لا يجب أن ننكر أن هرمون الدوبامين أو بالأحرى نظام المكافئة في دماغ الإنسان قد ساعد الجنس البشري بشكل كبير في البقاء على قيد الحياة لكل هذه السنين، فلو لم يكن هذا النظام في أدمغتنا لما شعر أسلافنا من البشر برغبة في تناول الطعام أو الصيد أو الزراعة … الخ، بالإضافة طبعا إلى التكاثر عبر الجنس، إذ أن هذا الأخير له مكافئته من الدوبامين أيضا وله مساره العصبي الخاص في الدماغ.

كيف نفهم جيدا هذه المسارات العصبية في الدماغ، دعونا نعطي مثال بسيط: تخيل أنك سافرت لعطلة نهاية الأسبوع إلى جزر المالديف، بحيث أنك استمتعت بشكل رهيب في هذه العطلة. إن الطريق الذي عبرت من خلاله إلى جزر المالديف هو طريق جديد لم تقم به من قبل، وهو يمثل المسار العصبي الجديد في الدماغ، أما الاستمتاع بالعطلة فيمثل المكافئة التي حصلت عليها من خلال ذهابك إلى جزر المالديف. الآن، ذهابك إلى جزر المالديف مجددا، سيعزز هذا المسار، لأن في النهاية ستحصل على المتعة، ومع مرور الوقت سيصبح هذا المسار أسرع طريق للحصول على المتعة وستدمن عليه.

أما إذا أردت التخلص من هذا الإدمان (الافتراضي)، فكل ما عليك فعله هو عدم التفكير في الذهاب إلى جزر المالديف، لأن تخيل ذهابك إلى جزر المالديف مجددا سيعزز هذا المسار بنفس مستوى ذهابك إلى جزر المالديف سابقا. ومع الوقت وبعدم تفكيرك بذلك، سيصبح هذا المسار أضعف وأضعف، ولكن في مقابل ذلك، يجب عليك تطوير مسارات جديدة للحصول على الدوبامين بشكل طبيعي، وكلما أصبحت هذا المسارات الجديدة قوية كلما ضعفت المسارات القديمة.

غير الآن “جزر المالديف” ب “الأفلام الإباحية” وستفهم جيدا كيف يحدث الأمر.



أعراض إدمان الأفلام الإباحية

وكأي إدمان هناك أعراض تظهر عند الشخص، ويتم الاعتماد على هذه الأعراض في تحديد ما إذا كان الشخص مدمنا حقا أم أنه في بداية الإدمان … وغيرها من المستويات. أما بالنسبة لإدمان الأفلام الإباحية فقد تظهر على الشخص الأعراض التالية:

  • خلل بالقذف.
  • العجز الجنسي/تأخر القذف.
  • مشاكل في التركيز.
  • الخمول والشعور بالكسل.
  • القلق الاجتماعي ونقص إظهار المشاعر.
  • انخفاض الاهتمام بالشريك (في حالة الزواج، أو الارتباط).
  • مشاهدة أنواع جديدة من الأفلام الإباحية التي لا تتناسب مع توجهاتك الجنسية (مثلا أن تكون مغاير الجنس وتشاهد فيديوهات لمثليي الجنس أو العكس).
  • التفكير في الإباحية بشكل مستمر.
  • تأجيل المهام والأعمال اليومية لمشاهدة الأفلام الإباحية.
  • دفع أموال من أجل مشاهدة الأفلام الإباحية المدفوعة.
  • اضطرابات في النوم.
  • انعدام الرغبة الجنسية والعاطفية تجاه الجنس الآخر.

إذا توفرت فيك بعض هذه الأعراض فاعلم أنك مدمن على الأفلام الإباحية، لكن لا تقلق، فالتخلص من هذا الإدمان سيخفي كل هذه الأعراض وستعيش حياة جديدة تماما، ومختلفة عن حياة الإدمان. فمثلا الشعور بالكسل سيختفي وستصبح شخصا إنتاجيا وواثقا من نفسك!

تابع قراءة المقال. أنت قوي!



كيف تحدث هذه الأعراض؟

إنه لمن الشيء الغريب أن تجد من بين الأعراض مثلا “الشعور بالكسل والخمول” أو مثلا “القلق الاجتماعي” فكيف يحدث ذلك فعلا؟

إن الأمر مرتبط بنظام المكافئة كما سبق وذكرنا سابقا، فالمسار الذي تم إنشائه في دماغك هو الآن مسار قوي، إذ يعتبر من المسارات السريعة كي تحصل على الدوبامين، وبالتالي فقد لا تتذكر أنك جائع، بينما ستتذكر أن عليك مشاهدة فيديو إباحي. هل حدث هذا معك؟ السبب هو أن المكافئة التي تحصل عليها من تناولك للطعام ـ ولو كان مليئا بالسكريات ـ هي مكافئة ضئيلة مقارنة بالمكافئة التي ستحصل عليها جراء مشاهدتك للعديد من الفيديوهات الإباحية.

بصيغة أخرى، كلما كان هذا المسار العصبي الجديد قويا، كلما ضعفت المسارات العصبية الأخرى التي تم إنشائها في الماضي، وبالتالي فحتى المهارات التي أنت تحب القيام بها كالكتابة، القراءة، أو الخروج مع الأصدقاء، أو الرسم … الخ، ستضعف مع الوقت، والشيء الذي سيؤدي بك إلى الشعور بالكسل والخمول كل الوقت.

أما بالنسبة للأعراض المرتبطة بالجنس، والقذف، والعلاقة الحميمية مع الشريك فهي ترتبط أيضا، إلى جانب ارتباطها بالإدمان، بمحتوى الأفلام الإباحية ونوعيتها. فالمدمن أمام عالم جديد من الفيديوهات، بحيث في كل فيديو يستطيع أن يجرب نوع جديد من المتعة بمشاهدة فيديو مختلف عن سابقه، كأن يشاهد مثلا امرأة نحيفة وأخرى متوسطة وأخرى سمينة، وأخرى طويلة، وأخرى ذات شعر أحمر، أو أسود، أو بني، أو أصفر … وأخرى ذات عيون زرقاء، وأخرى بعيون خضراء … وغيرها الكثير والكثير من الأنواع الجديدة والوضعيات الجديدة والأصوات الجديدة … الخ.

إن هذا التنوع يتسبب في مشاكل مع شريك الحياة، إذ أن عالم الإباحية مختلف تماما عن الواقع، والمشكلة أن أدمغتنا لا تستطيع أن تفرق بين ما هو واقعي وما هو حقيقي، فمشاهدة الأفلام الإباحية هو بمثابة واقع بالنسبة للدماغ، وبالتالي فمشاهدة أنواع جديدة من الفيديوهات الإباحية في كل مرة، سيقلل من اهتمام المدمن بشريك حياته، لأنه وببساطة لن يجد في هذا الشريك ما وجده في الفيديوهات الإباحية.

ونفس الشيء يحدث بالنسبة للعجز الجنسي أو مشاكل في القذف، إذ أن دماغ المدمن قد أدمن على القذف من خلال مشاهدة هذه الفيديوهات الإباحية لا من خلال ممارسة الجنس في الواقع، وبالتالي فعند ممارسة الجنس في الواقع، يجد المدمن نفسه في مشكلة القذف والعجز الجنسي، إذ أنه في أحيان كثيرة قد يفضل مشاهدة الأفلام الإباحية على ممارسة الجنس مع شريك الحياة.



نظام المكافئة في الدماغ

نظام المكافئة في الدماغ هو عبارة عن مجموعة من الهياكل العصبية المسؤولة عن الوظائف العاطفية والجسدية، أو بصيغة أكثر بساطة، المسؤولة عن منحنا المكافئة بعد القيام بفعل أو سلوك معين. أطلق عليه بعض العلماء اسم “النظام اللمفي” أو “الدماغ البدائي” وذلك للتاريخ التطوري الذي عاشه أجدادنا البشر ومساهمتهم في تطوير هذا النظام، فكما سبق وشرحت سابقا، هذا النظام ساعد على بقاء الجنس البشري إلى يومنا هذا.

وقد تؤثر التغيرات في نظام المكافئة على سلوك الشخص ووظائفه الفيزيولوجية (كالحاجة إلى الأكل، والشراب، والجنس). ويساهم أيضا في تغيير مزاجنا وعواطفنا، كما أنه ساهم ـ تطوريا ـ في تطوير مشاعر كالخوف والغضب والفرح، والتي ساهمت هي أيضا بدورها في إبقائنا على قيد الحياة، فمثلا الإنسان الذي لم يكن يشعر بالخوف من الحيوانات المفترسة أو من العقارب السامة، كان غالبا ما يتم قتله، وبالتالي لا ينشر جيناته إلى الأجيال القادمة، وانقراض جيناته مع الوقت. بينما العكس، الإنسان الذي كان يخاف، استطاع أن يبقى بعيدا عن الحيوانات المفترسة …الخ، وبالتالي استطاعت جيناته أن تبقى على قيد الحياة إلى يومنا هذا.

وبعيدا عن الخوف، فقد ساهم هذا النظام في إبقاء الجنس البشري عن طريق تطوير الشعور بالجوع، أو الرغبة في ممارسة الجنس، ومجددا، يمكننا أن نلاحظ أن انعدام هذه الرغبات والمشاعر قد تسبب انقراض الجنس البشري، فتطويرها كان الأفضل ـ تطوريا ـ لجنسنا البشري، رغم أنها اليوم تساهم في إدماننا على سلوكات جديدة قد تؤثر على حياتنا الشخصية.

تعتبر التغييرات في نظام المكافئة المسؤولة عن معظم الاضطرابات العقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، القلق، اضطراب ثنائي القطب، الفصام، والقلق الاجتماعي. أما لتركيبات هذا النظام كالوطاء واللوزة الدماغية فهي تؤثر وتسيطر على بعض الوظائف الرئيسية كالسلوك الجنسي، الإنتصاب، الجهاز العصبي الذاتي، وجهاز الغدد الصماء. خلاصة القول هي أن التغييرات وتركيبات نظام المكافئة قد تؤدي إلى تأثيرات متعددة ومتنوعة.



الهدف وراء نظام المكافئة

إن الهدف الرئيسي الذي يكمن وراء تطويرنا لهذا النظام الرائع هو الحصول على أكبر قدر ممكن من المتعة في مقابل تجنب أكثر قدر من الألم. فنظام المكافئة يشجعنا، كبشر، على اتخاد القرارات التي سنكسب منها أكبر قدر ممكن من المتعة. فلو تخيلنا مثلا أن هذا النظام يتحدث، فسوف يقول “إن هذا الفعل جيد، سأمنحك مكافئة إذا قمت به“، أما عند قيامك بهذا الفعل الجيد والممتع، فسيتحدث نظام المكافئة مجددا ويقول “إنه فعلا رائع، قم بتكراره، وسأمنحك مكافئة مجددا“.

يعني بخلاصة، يساهم نظام المكافئة في تشجيعنا على البقاء على قيد الحياة، وذلك من خلال القيام بالأنشطة الضرورية ـ والممتعة، كالجنس، الأكل، الارتباط، إنجاز الأشياء، اللعب، تجربة أشياء جديدة، والمجازفة.

نحن حرفيا لا نتخد أي قرار في حياتنا دون استشارة نظام المكافئة في دماغنا، فهو يبرر عاطفيا الأشياء التي نحبها ولا نحبها. لكن في حالة الإدمان على شيء ما، فإن نظام المكافئة يتم الخلل في توازنه، ويؤثر هذا على تغير المزاج والتوقعات، واتخاد القرارات.

هرمون الدوبامين

يعتبر هرمون الدوبامين من الهرمونات الأساسية في تقوية نظام المكافئة. إذا اعتبرنا أن نظام المكافئة هو المحرك الرئيسي في الدماغ الذي يتخد القرارات، فالدوبامين سيكون الوقود الذي يحرك هذا المحرك ويعزز نشاطه. يُعرف الدوبامين على أنه “النشوة” التي يشعر بها الشخص أو يسعى إليها، ويمكن أن نسميها أيضا بالسعادة المؤقتة. يحصل الإنسان على هذا الشعور بعد قيامه لعدة أشياء إذ تتفاوت كميات فرز الدوبامين بين فعل وآخر، فمثلا الدوبامين الذي يُفرَزُ بعد استهلاك الإنسان للكوكايين أو الهيروين هو أكثر بكثير من الكمية التي سيحصل عليها من الطعام مثلا.

يتم فرز هذا الهرمون أيضا عند مشاهدة الشخص للأفلام الإباحية، والمشكلة في الأمر أن الكمية التي يفرزها الدماغ بعد هذا الفعل هي تقريبا نفس الكمية التي يفرزها الدماغ عند استهلاك الكوكايين! غريب أليس كذلك؟ سنشرح كيف يتم ذلك في الفقرات القادمة، لكن دعنا أولا نوضح المخاطر التي قد يسببها إدمان الدوبامين.



الإدمان على أي شيء هو إدمان على الدوبامين

لقد قام العلماء بالعديد من التجارب العلمية لمعرفة السر وراء إدمان الإنسان (أو أي كائن حي) على هرمون الدوبامين. من بين هذا التجارب، تجربة مثيرة للجدل تم عملها على فئران تجارب، وكانت التجربة على الشكل التالي:

قام العلماء بربط جهاز مع نظام المكافئة عند الفأر، بحيث عندما يظغط الفأر على زر، تم ربطه بجهاز المكافئة، يتم كهربة دماغ الفأر بطريقة تمكنه من إفراز الدوبامين. بصيغة أخرى، كلما ظغط الفأر على الزر الذي أمامه كان يفرز هرمون الدوبامين ويشعر بالسعادة.

وبعد فترة، اكتشف العلماء أن الفأر أُدمن على الظغط على الزر مرارا وتكرارا لدرجة أنه خُدِع من قبل نظام المكافئة الخاصة به على أن هذا الزر سيبقيه على قيد الحياة (كما سبق وشرحنا في فقرة نظام المكافئة)، وبعد فترة طويلة من إدمان الفأر على الظغط على الزر، مات جوعا رغم أن الطعام كان بالقرب منه!

إن موت الفأر جوعا رغم أن الطعام كان بالقرب منه يعزز الفكرة التي قلناها سابقا عن نظام المكافئة، والتي أساسها “البقاء على قيد الحياة“، فالمشكلة الرئيسية في هذا النظام هي أنه لا يفكر بشكل عقلاني، إن صح التعبير، بل يفكر من منطلق معادلة أن الدوبامين = البقاء على قيد الحياة، وبالتالي أي شيء يجلب أكبر قدر من الدوبامين فهو شيء جيد، بينما في الحقيقة قد يؤدي إلى الموت، كما حصل مع الفأر.

ويعزز هذا أيضا بعض الأعراض التي سبق وذكرناها في بداية هذا المقال، وخاصة فكرة الشعور بالعجز والكسل، والتي تم ملاحظتها بشكل واضح في سلوك الفأر. فالفأر كان عاجزا وكسولا للتحرك تجاه أكل الطعام، رغم شعوره بالجوع!

فحتى عندما أوقف العلماء إفراز الدوبامين في دماغ فأر آخر (غير الذي مات)، لاحظوا أن الفأر كسلان، وله دوافع قليلة من أجل النوم والأكل وممارسة الجنس، إذ كان بالكاد يتحرك من أجل البحث عن الطعام، ولاحظوا أيضا أنه كان عاجزا عن ممارسة الجنس عندما وضعوه مع أنثى فأر نشيطة.

يحدث هذا أيضا مع الأشياء المرتبطة بالتجديد أو الأشياء الجديدة، فمثلا تصفح البريد الإلكتروني لمشاهدة رسائل جديدة، أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهدة إشعارات جديدة وصور جديدة وفيديوهات جديدة. هذا التجديد يرتبط أيضا بنظام المكافئة، فهو نظام يحب الأشياء الجديدة (كما قلنا سابقا عن المسارات العصبية التي تخلق في الدماغ)، ويتم مع مرور الوقت الإدمان على هذه الأشياء الجديدة، بحيث قد تجد نفسك مثلا مدمنا على تصفح بريدك الإلكتروني في كل مرة. ومجددا، الدماغ هنا يربط هذا التجديد على أنه يساهم في البقاء على قيد الحياة، بينما هو في الحقيقة غير ذلك.

إن هذا التجديد يحدث أيضا مع إدمان الأفلام الإباحية، وربما هذا من الأسباب الرئيسية الذي يجعل البعض مدمنين على هذه الأفلام، فالتجديد جزء ضروري من هذا المشروع، بحيث ستجد في كل مرة فيديوهات جديدة بمحتوى جديد وبأفعال غريبة أحيانا، لدرجة أن دماغك سيدمن على مشاهدة فيديوهات جديدة في كل مرة، وهذا يفسر أيضا لماذا البعض يشاهد فيديوهات إباحية لأشخاص مختلفين عنه في التوجه الجنسي أو الميولات الجنسية.



الدوبامين مرتبط بالرغبة أكثر من السعادة

يعتقد العلماء أن الدوبامين لا يساوي في الحقيقة المتعة أو الاستمتاع. وبدلا من ذلك، فالدوبامين هو فقط وقود يجعلنا نرغب في المتعة، والاستمتاع. وفي الحقيقة، يتم إفراز الدوبامين قبل قيامنا بالأشياء التي تجعلنا سعداء، مثل قبل أكل فاكهة مفضلة، أو قبل ممارسة الجنس.

أما المكافئة النهائية أو مشاعر المتعة، فتنشأ جراء إفراز مواد كيميائية تسمى أشباه الأفيونات، وهي المواد الكيمائية التي تفرز مثلا عند النشوة جراء ممارسة الجنس، أو عند تناول وجبة مفضلة. بل وحتى عند الشعور بنوع من الراحة بعد شرب كأس من الماء … وغيرها من الأشياء.

خلاصة القول، الدوبامين هو السعي لتحقيق السعادة، بينما أشباه الأفيونات هي المتعة أو الرضى الذي نحصل عليه جراء سعينا لتحقيقها.

على الرغم من كل هذا، يظل الدوبامين أقوى من أشباه الأفيونات، أو بصيغة أخرى، نحن البشر نسعى لتحقيق السعادة أكثر من رضانا عن هذه السعادة. فالبحث أو السعي عن السعادة سيبقينا على قيد الحياة ـ تطوريا ـ أكثر من بقائنا في منطقة الرضى. والدوبامين بخلاصة هو الذي يجبر الكائنات الحية على العمل من أجل البقاء على قيد الحياة.

نحصل على كمية كبيرة من الدوبامين عند مشاهدتنا للأطعمة التي تحتوي على نسب كبيرة من السكريات والذهنيات، والسبب طبعا هو أن هذه الأطعمة ستبقينا على قيد الحياة، وليس غريب أن أحيانا نشعر بالرغبة في تناول هذه الأطعمة رغم شعورنا بالشبع. ويمكننا أن نفهم من هذا أيضا أن الدوبامين قد يتغلب على شعور الشخص بالشبع (وكما ذكرنا سابقا، يؤدي هذا إلى السمنة عند العديد من الناس).

إدمان الأفلام الإباحية يشبه الإدمان على المخدرات

تختلف كمية الدوبامين التي يتم فرزها في الدماغ باختلاف الأفعال والنشاطات التي يقوم بها الشخص، ففي حين أن أكل الطعام هو شيء ضروري للبقاء على قيد الحياة، إلا أن هناك أفعال أخرى أكثر أهمية بالنسبة لنظام المكافئة. فمثلا ممارسة الجنس له أولوية، لأن التكاثر له أولوية لجيناتنا كي يتم إنتاجها إلى الأجيال اللاحقة، وبالتالي استمرار الجنس البشري على قيد الحياة. وهذا هو السبب الذي يجعل من النشوة التي نحصل عليها من ممارسة الجنس أكبر بكثير من النشوة التي نحصل عليه عند تناول أطعمة غنية بالسكريات وغيرها.

يقول العلماء أن كمية الدوبامين التي يتم فرزها قبل ممارسة الجنس تقارب ما يتم فرزه عند استهلاك المخدرات الخطيرة كالكوكايين والمورفين، إذ وترتفع كمية الدوبامين عند أي إدمان. ورغم أن المدمنين على أفعال مختلفة كالكحول والكوكايين والمورفين قد يشعرون بمشاعر مختلفة لأنها تؤثر على ناقلات عصبية مختلفة إلا أن كمية الدوبامين تظل تقريبا نفس الكمية.

أما بالنسبة لإدمان الأفلام الإباحية، فالأمر الخطير ليس فقط الكمية الهائلة من الدوبامين التي يتم فرزها بعد وقبل مشاهدة فيديو، وإنما أيضا تجديد مشاهدة فيديو آخر، إذ أن الكمية تفرز مجددا بعد كل نقرة على فيديو جديد. وهذا يفسر قضاء الكثير من الوقت في تصفح المواقع الإباحية بل ومشاهدة العديد والعديد من الفيديوهات الإباحية. يعني، خلافا لمدمني الكحول والمخدرات، مدمني الأفلام الإباحية قادرين على تحفيز مستويات الدوبامين لعدة ساعات من خلال الظغط على فيديو جديد في كل مرة.



خطورة التجديد في الأفلام الإباحية

إن الأشياء الجديدة أو التجديد له أهمية كبرى في بقائنا على قيد الحياة، فهو من المحفزات المهمة في نظام المكافئة. فالأشياء الجديدة جعلت من أجدادنا يكتشفون مناطق جديدة، وموارد جديدة .. الخ، مما أدى بشكل عام إلى بقاء جيناتنا على قيد الحياة لأجيال. ويعتقد العلماء والباحثون أن التجديد هو أحد الأسباب التي تسبب إدمان الأفلام الإباحية. فكما قلنا سابقا، هذا العالم مبني أساسا على التجديد، إذ أن العاملين فيه يسعون دائما إلى صنع محتوى جديد في كل مرة، ولا شك أن هؤلاء العاملين يعلمون هذه المعلومات ويستخدمونها في صالحهم!

الغريب في الأمر أن هذه الأشياء الجديدة قد تكون أحيانا مقززة وعنيفة وغير واقعية، لكن ما يميزها عن باقي المحتوى القديم هي أنها تثير الشخص وتصدمه، فتخلق بذلك مسارات عصبية جديدة قادرة على إفراز دوبامين بكميات كبيرة مجددا.

ومع مرور الوقت، يقع المدمن ضحية استهلاك العديد والعديد من المحتويات الجديدة، فالمُشَاهد الذي لم يكن يشاهد أفلام إباحية عنيفة أو مقززة مثلا، أصبح الآن يستهلكها بكل عشق، بل ويبحث عن محتويات جديدة تسد رغبته في اكتشاف محتوى جديد يثيره ويصدمه.

ويفسر هذا لماذا بعض المدمنين يفتحون عدة فيديوهات في نفس الوقت، والسبب طبعا هو أنهم مدمنين على المحتوى الجديد أكثر من إدمانهم على الأفلام الإباحية بحد ذاتها. بل وأحيانا قد يشاهد المدمن بعض دقائق فقط في فيديو ما، بحيث يظغط بسرعة على فيديو آخر، والذي قد يعيد فيه نفس الأمر. والسبب مجددا هو الإدمان على المحتوى الجديد.



تأثير كوليدج

تأثير كوليدج هو ظاهرة بيولوجية شوهدت عند الحيوانات، حيث يُظهر الذكور اهتماما جنسيا مُتجدِّد في كل مرة يتم فيها تقديم أنثى جديدة. وقد قام العلماء بعدة تجارب على فئران ذكر، حيث يشعر الفأر بالملل من ممراسة الجنس مع أنثى، لكن سرعان ما يختفي هذا الملل ويظهر اهتماما جنسيا عندما وضعوه مع أنثى جديدة.

تقول التجربة أن الفأر قادر على أن يمارس الجنس مع فئران إناث جديدة، ولن يتوقف عن ذلك إلا عند وصوله إلى أقصى شعوره بالتعب.

يعود السبب الأول في هذه الظاهرة البيولوجية إلى الجينات أكثر من الدماغ، بحيث أن هدف الجينات هو نشر نفسها إلى أجيال جديدة والبقاء على قيد الحياة، ويمكن لها تحقيق ذلك بممارسة الكائن للجنس مع أكبر عدد من الإناث، وكل ما كانت الإناث مختلفة كلما أصبح لدينا تنوع جيني.

يقوم الدماغ في هذه الحالة بتحفيز الكائن على ممارسة الجنس مع شخص جديد لضمان نشر الجينات كهدف بيولوجي أولي، ثم لضمان التنوع الجيني كهدف بيولوجي ثانوي، وبالتأكيد، لا يمكن أن يحصل هذا بدون استشارة الدماغ (نظام المكافأة)، فكما ذكرنا سابقا، أي شيء سيهدف إلى بقائنا على قيد الحياة، سوف نكافئ عنه.

الإدمان على الأفلام الإباحية وتأثير كوليدج

يحدث نفس الشيء في الإدمان على الأفلام الإباحية، فدماغ المدمن سرعان ما سيشعر بالملل من مشاهدته لنفس الفيديو أو لنفس النوع أو الفئة، وسيرغب دائما في مشاهدة فئات جديدة وفيديوهات جديدة لم تخطر على بال الشخص.

يوضح الرسم البياني أدناه الآليات نفسها التي تنطبق على الدماغ البشري عندما نشاهد الأفلام الإباحية على الإنترنت، بحيث ترتفع الإثارة عند مشاهدة فئات أو فيديوهات جديدة مختلفة:

إدمان الأفلام الإباحية

حدث الإرتفاع في الإثارة المذكور في هذا البيان عندما قام القائمون على التجربة بتغيير المحتوى الإباحي إلى محتوى جديد لم يشاهده الشخص من قبل. ويفسر هذا أن تأثير كوليدج والمحتوى الجديد هما سببان رئيسيين في الإدمان على الأفلام الإباحية، فبانعدامهما لن يكون هناك أي إدمان.



كيف ترفع الأفلام الإباحية مستوى الدوبامين؟

إن كل المخرجين في عالم الإباحية يسعون دائما إلى إنتاج فيديوهات بمحتوى جديد، وغالبا ما تكون هذه المحتويات، إن لم تكن كلها، غير واقعية. فمثلا استخدام الفياجرا أو أدوية أخرى لجعل الممثلين نشطاء جنسيا، أو جعلهم يتحملون الألم الناتج عن بعض الممارسات العنيفة كالجنس الشرجي على سبيل المثال.

المشكلة هنا أن أدمغتنا لا تعلم ما يحصل خلف الكواليس، وربما من المدمنين من لا يعلم أصلا أن هذه الفيديوهات هي مجرد تمثيل لا أكثر ولا أقل، وأن كل المشاعر والأنين والتنهيدات هي مصطنعة وغير حقيقية.

يمكننا تلخيص كيف تقوم الأفلام الإباحية برفع مستوى الدوبامين عبر النقاط التالية:

  • المحتوى الجديد (فئة جديدة، طرق جديدة …الخ).
  • المحتوى الغير واقعي (لقطات لا يمكن تحقيقها في الواقع).
  • البحث الدائم (يقضي المدمن وقته في البحث أكثر من مشاهدة المحتوى).
  • توقع اللقطة القادمة (جعل المدمن يتوقع ما سيحصل في اللقطة القادمة).
  • الصدمة والمفاجأة (القيام بلقطات مفاجأة تصدم المشاهد وتحفزه).

اليوم وبفضل سرعة الأنترنت التي وصلنا إليها، أصبح بمقدور الشخص المدمن رفع مستوى الدوبامين لديه عبر نقرة زر فقط. فإذا انخفض مستوى الدوبامين، بإمكان المدمن أن يرفع مستواه عبر الظغط على فيديو آخر، أو تغيير الفئة أو النوع أو الشكل … الخ. الشيء الذي كان منعدما في السابق مع المجلات الإباحية، أو أقراص الفيديو … وغيرها.

يصف بعض المدمنين على الأفلام الإباحية أنهم يقومون بفتح 20 فيديو على الأقل (بيدهم اليمنى) بينما يمارسون الإستمناء (بيدهم اليسرى). وقد صرّحوا جميعا أنهم غالبا لا يكملون أي من الفيديوهات، بل يستمتعون بالنقر عليها ومشاهدة القليل فقط، أو بصيغة أخرى فهم يرفعون مستوى الدوبامين عندما ينقرون على فيديو آخر في كل مرة.

مخاطر المحتوى الإباحي الصادم والمفاجىء

عكس الصور الإباحية (كالمجلات)، تستطيع الفيديوهات أن تسد حاجة المدمن التخيلية وجعله كملك في القرون الوسطى “أطلب ما تشاء يا مولاي، وسنحقق لك أكبر سعادة ممكنة“. يستطيع الشخص، بفضل سرعة الأنترنت وبفضل العديد من المواقع التي تقدم محتوى إباحي بشكل مجاني، أن يرفع من مستوى الدوبامين إلى مستوى غير طبيعي وإلى حد زمني أكبر غير طبيعي أيضا. فبعكس الإدمان على المخدرات مثلا، قد يموت الشخص جراء جرعات مفرطة، وغالبا لا يمكنه تمديد إفراز الدوبامين لمدة زمنية محددة، لكن الأفلام الإباحية قادرة على فعل ذلك. فلو “المحتوى X” لم يعد يثير الشخص، يمكنه مشاهدة “المحتوى B” وسيرفع بذلك مستوى الدوبامين مجددا، ويمكنه فعل ذلك أكثر من مرة، وفي كل مرة سيستمتع أكثر.

وكما ذكرنا سابقا، فبعض الفيديوهات الإباحية تكون صادمة ومفاجئة للمشاهد، الشيء الذي يؤدي إلى إفراز نواقل عصبية متعلقة بالتوثر وبعض الهرمونات ك”نورإبينفرين، إبينفرين والكورتيزول. وتقوم هذه الهرمونات بزيادة الإثارة ورفع مستوى الدوبامين. كما أنها ـ ومع كثرة استهلاك المدمن لمحتوى صادم ومفاجئ ـ تسبب القلق، وقد يخلط الدماغ بين الإثارة الجنسية والقلق. وتسبب أيضا مشاكل جنسية مع الشريك، إذ أن هذه المحتويات غير واقعية بالمرة، فيصبح الواقع مرا، والافتراضي جميلا!



ما هي عواقب كل هذا القدر من الدوبامين؟

دعنا الآن نمر إلى أهم موضوع في هذا المقال، وهو العواقب الناتجة عن كل هذا القدر الكبير من الدوبامين الذي يتم فرزه في حالة الإدمان على الأفلام الإباحية. في حالة الإدمان على المخدرات أو الكحول، قد يتوقف الشخص عن استهلاكها عند وصوله إلى مرحلة معينة كالثمالة مثلا أو الشعور بالتخدير في حالة المخدرات، بينما في حالة الإدمان على الأفلام الإباحية قد يستمر الشخص في تلقي الدوبامين لساعات متواصلة، ويفسر هذا لماذا يظل أغلب المدمنين مستيقظين لأوقات متأخرة.

تكمن العواقب عموما على شكل “تغييرات الدماغ” وتسبب هذه التغييرات الأعراض والحالات المذكورة سابقا كالخمول والشعور بالكسل والقلق الاجتماعي … إضافة إلى أعراض جسدية كمشاكل في القذف والعجز الجنسي واضطرابات في النوم … الخ.

تشويه واقع الجنس

من العواقب التي يتسبب فيها الإدمان على الأفلام الإباحية هي أنها تشوه واقع الجنس، ويحدث هذا للرجال كما للنساء. فمثلا يعتقد الرجل المدمن على هذا المحتوى أنه من الطبيعي ممارسة الجنس الشرجي مع المرأة، أو القذف على وجهها، أو غيرها من الأفعال الغريبة الأخرى.

يحدث هذا التشويه بسبب كثرة استهلاك هذه المواد الإباحية، ورغم أن “الممثلين” يُبدون رغبة في ممارسة هذا النوع من الأفعال ويستمتعون بها إلا أن الواقع مختلف تماما، وأن هذه الأفعال هي مجرد تمثيل لا أكثر ولا أقل، ويكون هدفه كما سبق وشرحنا إنتاج محتوى جديد وصادم ومشوق … الخ.

الجنس شيء، والأفلام الإباحية شيء آخر تماما!

تفوق الحاجة للأفلام الإباحية على الحاجة للجنس

ومن المشاكل أيضا التي يتسبب فيها الإدمان على الأفلام الإباحية هي أنها تقلل بشكل كبير الحاجة إلى ممارسة الجنس، ويظهر هذا على شكل عجز جنسي ومشاكل في القذف، وانعدام الإنجذاب الجنسي … وغيرها. أما السبب فهو المستوى الكبير من الدوبامين الناتج عن مشاهدة الأفلام الإباحية.

ويعود السبب أيضا أن الواقع مختلف تماما عن عالم الأفلام الإباحية، فالأفعال والسلوكات التي يشاهدها المدمن من شبه المستحيل تطبيقها على الواقع، فالجنس الشرجي مثلا يؤلم المرأة ولن تستطيع تحمّله بعكس ما يصوّرونه على هذه الأفلام.

يؤثر هذا المشكل على الحياة الزوجية أو العاطفية للمدمن، وغالبا ما يؤدي إلى إنهاء العلاقة في كثير من الأحيان، أما بالنسبة للغير مرتبطين فقد يؤثر هذا على نظرتهم تجاه الجنس الآخر، بحيث لا ينجذبون عاطفيا إليه بسبب عدم توفره على المواصفات التي لطالما اعتادوا عليها أثناء مشاهدتهم للأفلام الإباحية.



ما هو التحسس؟ وما علاقته بهذا الإدمان؟

التحسس بشكل مبسط هو شعور يشعر به الشخص لرغبته في القيام بفعل ما، وغالبا ما يكون هذا الفعل مرتبط بنظام المكافأة، أي بإفراز الدوبامين. فمثلا يحدث التحسس عندما يقوم الدماغ بتذكر المشاهد والأصوات والروائح والأحاسيس والعواطف والذكريات المرتبطة بـ “المكافأة” الكبيرة مثل الاستمناء على الأفلام الإباحية.

يخلق التحسس بدوره مسارات عصبية، وتكون جد قوية لدرجة يصعب تجاهلها، فمثلا في إدمان الأفلام الإباحية قد يحدث التحسس عندما يكون الشخص وحيدا، أو عندما يقوم بتشغيل حاسوبه، مما يؤدي إلى تفكيره بأن عليه مشاهدة الأفلام الإباحية. يؤدي هذا التفكير في النهاية إلى خلق رغبة قوية يصعب تجنبها والسيطرة عليها.

سنوضح لاحقا كيف يمكن للمدمن أن يتحكم في هذا التحسس، لأنه بمتابة الدفعة الأولى التي تذكر الدماغ بالمكافأة.

التحسس وعلاقته ب DeltaFosB

يَكمُن السبب الرئيسي في شعور الشخص بالتحسس في مادة أخرى شبيهة بالدوبامين تسمى DeltaFosB، وهي مرتبطة بالأساس ـ حسب قول العلماء ـ بالإدمان، أو بصيغة أخرى تذكّر الفعل الناتج عن الإدمان. هذه المادة تظل في دماغ المدمن لمدة ثمان أسابيع على الأقل بعد آخر فعل ناتج عن الإدمان، أي في حالة الإدمان على الأفلام الإباحية “آخر مشاهدة لفيلم إباحي”.

يفسر هذا أيضا أعراض الإنسحاب التي يشعر بها معظم المدنين بعد أيام قليلة من إقلاعهم عن الإدمان، فهذه المادة تساهم أيضا على تذكير نظام المكافأة على الإدمان وتعزز في العودة إليه.

يمكننا أن نستنتج من هذا الكلام أن DeltaFosB هو السبب الرئيسي في التحسس، إذ يتم ذلك بخلق مسارات عصبية أقوى وأقوى في الدماغ. وُجب الإشارة أيضا أن بعد إقلاع المدمن عن الإدمان وبعد عودة DeltaFosB إلى مستوياتها الطبيعية، إلا أنها تظل جد حساسة، ويفسر هذا لماذا يعود بعض المدمنين إلى إدمان قديم رغم انقطاعهم عنه لمدة طويلة من الزمن، أو مجرد الشعور برغبة قوية عند رؤية أو التفكير بالإدمان القديم.



مخاطر مشاهدة الأفلام الإباحية على المراهقين

إن دماغ الإنسان يشبه العجين، أو بصيغة أكثر دقة يشبه البلاستيك، ومجازيا يقصد بذلك أن للدماغ قدرة هائلة على تغيير شكله، وبالتالي تغيير حياة الشخص. وللأسف فإن دماغ المراهقين هو أكثر قابلية للتغيير مقارنة بباقي الفئات العمرية الأخرى.

وبالتالي فمشاهدة المراهقين لهذه الأفلام الإباحية قد يكون لها أضرار كبيرة وطويلة الأمد على أدمغتهم. ولاسيما في عصرنا الحالي حيث أصبحت هذه الأفلام الإباحية مجانية ومتاحة بكبسة زر بسيطة.

إن مشاهدة هؤلاء المراهقين للأفلام الإباحية في سن مبكرة سيتسبب لاحقا في مشاكل جنسية عند تجربتها لأول مرة. تخيل أن جيلا بأكمله مصاب بمشاكل جنسية! فكيف سيكون المستقبل يا ترى.

الظروف التي تنشط المسارات العصبية لإدمان الأفلام الإباحية

تلعب العديد من الظروف في تنشيط المسارات العصبية المرتبطة بهذا الإدمان، وسيكون من الحكمة معرفة هذه الظروف ومحاولة تجنبها في مرحلة التخلص من هذا الإدمان.

  • البقاء وحيدا في المنزل (أو في مكان آخر).
  • استراق النظر (سواء صور أو مقاطع فيديو إباحية).
  • البحث الدائم عن مواد إباحية جديدة (كالألعاب الإباحية مثلا).
  • فتح العديد من النوافذ في المتصفح لمشاهدة الأفلام الإباحية بشكل سريع ومتتالي.
  • مشاهدة فئة أو نوع جديد من الأفلام الإباحية.


أعراض الإنسحاب من إدمان الأفلام الإباحية

وكأي إدمان آخر، قد يواجه الشخص بعض أعراض الإنسحاب بعد أيام أو أسابيع قليلة من إقلاعه عن مشاهدة الأفلام الإباحية. يرجى الإشارة أن هذه الأعراض قد تختلف حدتها حسب عدة عوامل، من بينها مثلا مدة الإدمان وقسوته والوقت الذي يقضيه المدمن في مشاهدة هذه الأفلام.

فمثلا سيكون هناك فرق في حدة أعراض الإنسحاب بين شخص أدمن على الأفلام الإباحية لمدة 10 سنوات وآخر أدمن عليها لمدة 6 أشهر فقط.

في جميع الأحوال، لا يجب أن تخيفك هذه الأعراض بقدر ما أن تجعلك مستعدا لمواجهتها.

تكمن أعراض الإنسحاب من إدمان الأفلام الإباحية الأشياء التالية:

  • القلق.
  • الشعور بالانزعاج.
  • سرعة الانفعال.
  • الأرق.
  • التعب.
  • ضعف التركيز.
  • الإكتئاب.
  • تقلبات في المزاج.
  • العزلة الاجتماعية.
  • صداع في الرأس.


كيف تتخلص من إدمان الأفلام الإباحية

إن التخلص من إدمان الأفلام الإباحية يشبه تقريبا التخلص من أي إدمان آخر، ولو اختلفت الطرق في بعض الأشياء نسبة إلى شدة كل إدمان وخطورته، وشدة أعراض الإنسحاب … وغيرها من العوامل.

قررت أن أقسّم طريقة التخلص من إدمان الأفلام الإباحية إلى 5 مراحل.

1. المرحلة النفسية

أول مرحلة يجب على الشخص القيام بها للتخلص من إدمان الأفلام الإباحية هي تزكية دماغه بالمعرفة والمعلومات عن الأضرار التي يتسبب بها هذا الإدمان سواء على دماغ الشخص أو على حياته الشخصية والمهنية والزوجية أو الحميمية … الخ.

إن معرفة الحقيقة هي الخطوة الأولى للاعتراف بأن الشخص فعلا مدمن، وبأن هذا الإدمان مُضر بحياته، وبالتالي سيكون هذا دافع أساسي وقوي لجعل المدمن راغبا في التخلص من إدمانه.

نرشح في هذا الصدد قراءة كتاب دماغك تحت تأثير الإباحية. يمكن أيضا قراءة ملخصنا عن هذا الكتاب.

2. المرحلة العملية

بعد بناء الرغبة والتحفيز للتخلص من هذا الإدمان، نأتي الآن لبعض الخطوات العملية التي يجب على المدمن القيام بها أولا.

  1. إبادة المواد الإباحية من كل الأجهزة: إن أول خطوة عملية للفوز في هذه الحرب هي إبادة كل المواد الإباحية من على كل أجهزتك (كالهاتف أو الحاسوب)، فمحوها سيقلل من احتمالية تصفحها ولو بالخطأ، كما أنك ستزيد من تشجيعك لنفسك على الاستمرار في عدم تصفح هذه المواد مجددا.
  2. قم بتحميل برنامج لحجب المواقع الإباحية: هناك المئات من البرامج التي ستساعدك في هذه الخطوة، فقط اختر واحدة من بين هذه البرامج وقم بتحميلها على جهازك الهاتف وحاسبوك أيضا. يمكنك أيضا أن تضيف عدة خصائص مهمة كإضافة منعك من إلغاء تتبيث التطبيق، وغيرها من الأمور.
  3. تخلص من أي مواقع أخرى شبيهة: هناك بعض المواقع خاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي قد توقظ الوحش الصغير الذي يرغب في مشاهدة الأفلام الإباحية، من بين هذه المواقع مثلا موقع أنستاغرام المليء بالصور “الساخنة” والتي قد توقظ التحسس لديك كما شرحنا سابقا. لدى، من الأفضل عدم زيارة هذه المواقع لمدة 8 أسابيع على الأقل، أو بعد اختفاء أعراض الإنسحاب. يمكنك أيضا تتبيث تطبيقات لحجبها كذلك.

ملاحظة مهمة: إن الإستمناء على هذه الصور والفيديوهات التي تعتبر “ساخنة” وليست بأفلام إباحية لها تقريبا نفس أضرار الأفلام الإباحية. لذا، لا تسقط ضحيةً لخُدع عقلك.

3. مرحلة الرغبة في الاستمناء

لا يمكن الإدمان على الأفلام الإباحية دون ممارسة الاستمناء في آخر المطاف، فالاستمناء المرتبط بمشاهدة الأفلام الإباحية هو الدافع الرئيسي لإفراز هرمون الدوبامين من الأساس. وبالتالي فأول شيء ستشعر به بعد انقطاعك من مشاهدة الأفلام الإباحية هو رغبة قوية في الاستمناء.

في هذه المرحلة يجب أن تسعى جاهدا إلى تمديد صبرك على الاستمناء إلى أكثر مدة ممكنة أو عدم الاستمناء إطلاقا. في حالة الاستمناء، يجب أن تكون هذه العملية بعيدة كل البعد عن أي شاشة هاتف أو حاسوب، ولا يجب أن تستمني على أي شيء، كما أنه لا يجب أن تمارس الاستمناء بشكل سريع، ويفضل أيضا عدم الاستمناء على ذكريات لفيديوهات إباحية سابقة.

يجب أن تحذر في هذه المرحلة، لأن الإستمناء على لا شيء سيكون مختلفا، وقد لا تشعر بالنشوة التي كنت تشعر بها من قبل، الشيء الذي يسجعلك تفكر في الاستمناء على مشاهدة فيديو إباحي أو صورة معينة. تذكر أن الإستمناء في هذه المرحلة ما هو إلا نتيجة لتمديد طويل من الصبر، ووجبة خفيفة أخيرة للوحش الذي بداخلك قبل إرشاده إلى المقصلة.

4. مرحلة أعراض الإنسحاب

بعد مرورك بالمراحل السابقة وبعد القيام بجميع الخطوات العملية، ستواجهك الآن أعراض الإنسحاب التي ذكرناها سابقا، وهذه المرحلة صعبة، وتختلف شدة صعوبتها من شخص لآخر حسب عدة عوامل كحدة الإدمان ومدته …الخ.

كل ما عليك القيام به في هذه المرحلة هو أن تكون قويا ومصرا على التخلص من هذا الإدمان، ويجب أن تكون مستعدا ومدركا لهذه الأعراض، وتذكر دائما أن هذه الأعراض ستختفي مع الوقت وستعود إلى الحياة الطبيعية الحقيقية الخالية من العوالم المحاكية ومن الحريم المزور الذي كنت تزوره دائما.

هناك عدة طرق بإمكانها مساعدتك على التقليل من شدة أعراض الإنسحاب ومن بين هذه الطرق نذكر:

  • زيارة الأقارب.
  • الخروج مع الأصدقاء.
  • ممارسة الرياضة أو المشي.
  • الاختلاط مع الناس.
  • مساعدة الناس.
  • زيارة المواقع التي تساعد على التخلص من إدمان الأفلام الإباحية (مثلا موقع NoFap).
  • ممارسة هوايتك المفضلة.
  • الاستيقاظ باكرا.
  • الاستحمام بالماء البارد.
  • مشاهدة فيديوهات أكثر عن خطورة الأفلام الإباحية.
  • … وغيرها الكثير من الأشياء التي من شأنها خداع عقلك بعدم التفكير بأنه بحاجة إلى شيء ما مفقود. (لا شيء مفقود، أنت فقط تعود إلى الحياة الطبيعية).

5. مرحلة ما بعد أعراض الإنسحاب

في هذه المرحلة ستشعر بتحسن ملحوظ في حياتك، وستكون واثقا من نفسك أكثر من ذي قبل. غالبا ما تبدأ هذه المرحلة بعد 30 يوم من الانقطاع عن مشاهدة الأفلام الإباحية، وقد تستمر إلى 90 يوم حسب كل شخص.

تعتبر هذه المرحلة بسيطة، لكنها غير كافية للتخلص من الإدمان، فقد تحدث إنتكاسة ويجب أن تكون مستعدا لها نفسيا وعمليا.

ملاحظة: الإنتكاسة هي العودة إلى ممارسة الشخص لفعل ما كان مدمنا عليه، وغالبا ما تكون الانتكاسة غير مرغوب فيها وتحت ظروف أعراض انسحاب قوية.

إذا عدت لمشاهدة الأفلام الإباحية بعد مدة معينة، أو بعد اختفاء أعراض الإنسحاب، فقم بالأشياء التالية:

  • قم بتدوين الوقت الذي قمت فيه بالانتكاسة.
  • قم بتدوين الأسباب الرئيسية التي جعلتك تنتكس (مثلا: كنت وحيدا في المنزل، أو شاهدت صورة ساخنة).
  • قم بتدوين أي تفاصيل أخرى ترى أنها مساعدة في معرفة أسباب الانتكاسة.

بعد معرفتك للسبب، يجب أن تكون مستعدا نفسيا لتقبل أنها مجرد انتكاسة حدثت جراء أسباب معينة غير مرغوب فيها، أي بصيغة أخرى أنت لم تفشل ولن تفشل في التخلص من هذا الإدمان.

بعدها، قم بإكمال مرحلة التخلص من إدمان الأفلام الإباحية وكأن شيئا لم يقع، وحاول جاهدا أن تتجنب أي ظرف قد يعرضك إلى إحداث انتكاسة مجددا.

بعد اختفاء أعراض الإنسحاب والشعور بأن حياتك تتحسن، يجب أن تقوم الآن بعيش حياتك الطبيعية، فلا حريم مزور ولا شاشات لفتيات زائفات بعد الآن.

اسعى جاهدا في هذه المرحلة إلى تطوير نفسك ومهاراتك، وقم بتحديد أهدافك في الحياة واسعى إلى تحقيقها، كما ينصح بشدة إلى تحسين علاقاتك مع أصدقائك أو شريكك في الحياة، وحتى لو لم تكن تملك أصدقاء، فلا تقلق، أن قوي في هذه المرحلة بعد اختفاء القلق الاجتماعي، ويمكنك إنشاء علاقات بسهولة الآن.

خطوات إضافية

  • إذا كنت من محبي التدوين، يمكن لإنشاء ما يسمى بالانجليزية “Journey” أن يساعدك في المرحلة النفسية، وكذا في مرحلة أعراض الانسحاب، وهي ببساطة أن تكتب كل يوم بعد انقطاعك على مشاهدة الأفلام الإباحية المشاعر التي تشعر بها وكيف كان يومك … الخ. يمكنك القيام بذلك على منتدى NoFap إذا كنت تتقن اللغة الانجليزية.
  • أخبر أحد أصدقائك بالأمر: اختر أحد الأصدقاء الذي ترى أنه سيدعمك في هذه المراحل، أو ربما اختر أحد الأصدقاء الذي يعاني هو أيضا من هذا الإدمان وقوما بدعم بعضكما البعض.


خلاصة

لا تسمح لنفسك بأن تعيش في عالم محاكاة زائف ومزور، ولا تسمح لنفسك بأن تكون عبدا لحريم غير موجود على أرض الواقع. إن الحياة جميلة وتستحق أن تعاش … إن العلاقات الحقيقية مع أشخاص حقيقيين هي أفضل بكثير من ملايير الأفلام الإباحية.

لا تهرب من مآسي الحياة بإسعاد الوحش الصغير بداخلك عبر إطعامه جرعات من الدوبامين، ولا تخدع نفسك بأنك سعيد أو أنك غير مدمن.

إدمان الأفلام الإباحية هو إدمان جديد وخطير، وقد يتسبب في الأعوام القادمة إلى مشاكل لجيل بأكمله من الشباب، الذي سيواجه مشاكل في عيش الحياة كما ينبغي.

إذا كنت مدمنا على الأفلام الإباحية وقرأت المقال إلى هذه الكلمة فكل ما علي قوله هو أنك قوي، أو قوية في حالة كنتِ أنثى. فالناس أمثالك قليلون.

نصيحتي الأخيرة لك هي أن تقرأ أكثر وأن تطبق أكثر. قم بالتخلص من هذا الإدمان الآن وليس غدا أو بعد مشاهدة آخر فيديو. وأخيرا أود القول أيضا أن مشاهدة قصص النجاح للناس الذين تخلصوا من هذه الإدمان قد تحفزك أيضا.

إلى اللقاء في مقال آخر ؛)

Avatar for فكر حر

كُتب بواسطة فكر حر

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for فكر حر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0