in ,

هل الشر نابع من شر وطبيعة شريرة في داخل الانسان؟

أسامة العريقي

هل الشر والافعال الشريرة من الانسان هي ردات فعل ام هي نابعة من شر وطبيعة شريرة في داخل الانسان؟ هذا السؤال الذي يتبادر الى ذهني دائماً عندما اتفكر في الدنيا وحالها وفي الاحداث التي تحدث فيها. وبسبب طبيعة تفكيري العميق والتحليلي، عندما ارى تصرفات الاشخاص واعمالهم فإني بشكل تلقائي في عقلي اقوم بتحليل الموقف والبحث في اسبابه وجذوره. وفي  بعض الأحيان اصل الى بعض الاستنتاجات والدوافع والتي توحي بأن بعض هذه التصرفات هي عبارة عن ردات فعل من الأشخاص لاحداث ومواقف حدثت لهم. لذلك وصلت الى قناعة بأن الشر والأفعال الشريرة في الإنسان هي كلاهما: ردات فعل وايضاً نابعة من شر وطبيعة شر في داخل الإنسان.

من الناحية الفلسفية، يُعتبر الفيلسوف توماس هوبز أن الإنسان قد يكون شريراً بطبعه. هوبز في كتابه “ليفاياثان” يصف الحالة الطبيعية للإنسان بأنها “حرب كل الرجال ضد كل الرجال” وأن الإنسان يحتاج إلى الحكم المدني للحيلولة دون تدمير بعضهم البعض[1]. من جهة أخرى، من الناحية النفسية، تؤكد العديد من النظريات أن السلوك الشرير قد ينشأ كرد فعل على الظروف البيئية والاجتماعية. مثل نظرية الاحتكام للألم النفسي التي تشير إلى أن الأفراد الذين يعانون من الألم النفسي أو الضغط النفسي قد يتجهون إلى السلوك العدواني أو الضار[2]. من الناحية الاجتماعية، فإن نظرية التعلم الاجتماعي لألبرت باندورا توضح أن السلوك الإنساني يتعلم ويشكل بناءً على البيئة والتجارب الحياتية[3]. وبالتالي، يمكن للأفراد أن يتعلموا السلوك الشرير أو يتطوروا في هذا الاتجاه بناءً على التجارب والمواقف التي يواجهونها.

في النهاية، يبدو أن الشر في الإنسان قد ينشأ من داخله كجزء من طبيعته البشرية أو كرد فعل للمواقف والتجارب التي يمر بها.

بالنسبة للتأثير الداخلي، يتوافق الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه مع هوبز في بعض النواحي. نيتشه يصور الإنسان على أنه كائن يتميز بالقوة والسلطة والرغبة في الهيمنة، وهو يؤكد أن الإنسان يحمل داخله قدرة ورغبة طبيعية في القسوة والعدوانية [4]. ومن ناحية التأثير الخارجي، يوجد أيضًا الكثير من الأبحاث النفسية التي تعزز هذه النظرية. مثلا، نظرية التحلل الاجتماعي لفيليب زيمباردو تعتبر أن الظروف الاجتماعية السلبية، مثل الفقر والتهميش، قد تساهم في تشجيع السلوك الشرير والعدواني [5]. كما أن أبحاث علم النفس الأخلاقي التي قام بها لورانس كولبرج تشير إلى أن السلوك الأخلاقي (أو عدمه) يتطور عبر مراحل متعددة استنادًا إلى تجارب الحياة والتعليم [6].

يتعامل العديد من الفلاسفة وعلماء النفس مع الفكرة أن الشر يمكن أن ينبع من داخل الإنسان. تمركز هذه النظريات حول فكرة أن الشر ليس ثابتًا، وإنما يمكن أن يتأثر ويتغير استجابة للظروف الخارجية. من الناحية الفلسفية، يعتبر الفيلسوف الدنماركي سورن كيركيغور أن الإنسان يحمل بداخله القدرة على الشر وأن الخطيئة تكمن في الحرية الشخصية والاختيار[7]. بالإضافة إلى ذلك، فإن فريدريش نيتشه يعتقد أن القوة والهيمنة والرغبة في القسوة هي جزء من الطبيعة البشرية. هو يتحدى الأفكار الأخلاقية التقليدية ويعتبر أن “الأمرالعليا” تعد من القيم الحقيقية[8]. من ناحية أخرى، تدعم بعض النظريات النفسية هذا الاعتقاد. الدكتور كارل يونج، أحد الرواد في علم النفس التحليلي، يعتبر أن الشر هو جزء من “الظل”، أو الجانب الداكن من الشخصية البشرية. الظل، حسب يونج، يحتوي على الأفكار والأحاسيس والدوافع التي يرفض الفرد الاعتراف بها في نفسه، والتي يمكن أن تشمل السلوك الشرير[9].

مع ذلك، من الجدير بالذكر أن وجود هذه القدرة الداخلية على الشر لا يعني بالضرورة أن الإنسان سيتصرف بطريقة شريرة. العديد من النظريات الفلسفية والنفسية تؤكد أيضًا على قدرة الإنسان على التحكم والسيطرة على هذه الدوافع الداخلية وتوجيهها نحو السلوك الإيجابي والبناء.

المراجع:

  1. Hobbes, T. (1651). Leviathan.
  2. Bushman, B. J., Baumeister, R. F., & Stack, A. D. (1999). Catharsis, aggression, and persuasive influence: Self-fulfilling or self-defeating prophecies? Journal of Personality and Social Psychology, 76(3), 367.
  3. Bandura, A. (1977). Social learning theory. Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall.
  1. Nietzsche, F. (1886). Beyond Good and Evil.
  2. Zimbardo, P. G. (2007). The Lucifer Effect: Understanding How Good People Turn Evil.
  3. Kohlberg, L. (1981). The Philosophy of Moral Development: Moral Stages and the Idea of Justice.
  1. Kierkegaard, S. (1844). The Concept of Sin.
  2. Nietzsche, F. (1886). Beyond Good and Evil.
  3. Jung, C. G. (1953). Two Essays on Analytical Psychology. In Collected Works of C.G. Jung (Vol. 7).
Avatar for أسامة العريقي

كُتب بواسطة أسامة العريقي

التعليقات

اترك تعليقاً

Avatar for أسامة العريقي

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Loading…

0