أُلِّفت العديد من الأساطير والقصص والخرافات حول القمر عبر كل العصور التي مر بها الجنس البشري، حيث كان القمر عبارة عن إله للعديد من الحضارات القديمة، ومقدسا لدى حضارات أخرى، ويعتبر تأثير القمر على الانسان من أكثر المعتقدات شيوعا في عصرنا الحالي، فبعض المسلمين مثلا، يعتقدون أن عند اكتمال القمر بدرا تحدث أمور سلبية سيئة ككثرة الجرائم أو سكتات القلب أو كثرة المرض …الخ، مُؤكدين هذه المعتقدات بأن النبي محمد أوصى المسلمين بصيام أيام البيض، والتي هي الأيام الثلات وسط الشهر القمري حين يكون فيها القمر مكتملا بدرا، أو قريبا من البدر.
ولكي نجيب على السؤال المطروح في عنوان المقال، علينا أولا أن نفهم بعض الأمور عن القمر وكيفية دورانه على الأرض.
ففي الحقيقة، القمر لا يدور بشكل دائري كما يعتقد العديد من الناس، فالقمر يدور بشكل إهليجي، ولا تكون دورته هي نفسها في كل مرة، فمرة يكون أقرب من الأرض ومرة أخرى يبتعد عن الأرض، وهذا هو سبب المد والجزر، وسنأتي لشرح هذا لاحقا.
أما بالنسبة للبدر، فالأمر ظاهر وواضح؛ عندما يكون القمر في مكان يسمح له بتلقي الضوء من الشمس وفي نفس الوقت لا يدخل ضمن ظل كوكب الأرض كي لا يكون هناك خسوف، فحينها يكون القمر بدرا، ويظهر للمشاهد على كوكب الأرض أن القمر بدرا ومكتملا، ولأن المدار إهليجي كما أوضحنا، فالمُشاهد على كوكب الأرض سيرى أن القمر يكون صغيرا وهو ما نسميه بالبدر الصغير أو Mini Moon، وتارة أخرى يكون القمر كبيرا وهو ما نسميه Super Moon.
تأثير القمر على الانسان وعلى الأرض
عند تباعد القمر واقترابه من الأرض، يُحدث هذا الاقتراب والابتعاد عملية المد والجزر، ويعتقد العديد من الناس، أن دماء الإنسان تنجذب هي الأخرى في هذه العملية، وبالتالي تحدث اضطرابات في جسم الإنسان مما يزيد من عدد الجرائم والأمراض والسكتات القلبية … الخ من الاعتقادات.
لكن الحقيقة هي أن القمر ليس له أي تأثير على الإنسان ولا على حياته الشخصية، وسواء كان هذا القمر بدرا مكتملا أو في ربعه الأول أو الثاني، فسيظل نفس القمر، بنفس كتلته وجاذبيته وحجمه.
وكل ما في الأمر أن في حالة البدر، تكون عملية المد والجزر أقوى قليلا مقارنة عندما يكون القمر في مستويات أخرى، ويعود سبب ذلك إلى أن القمر في هذه الحالة يكون في خط مستقيم مع الشمس، أي أن الشمس والقمر يتشاركان في سبب حدوث مد وجزر أقوى مقرانة عندما يكون القمر في مستوى عمودي مع الشمس.
أما تأثيرات الإضاءة فقد عمل الباحثون عدة أبحاث ودراسات كمراجعة إحصائيات الجرائم خلال أيام البدر وحالات الولادة في المستشفيات، وحالات أخرى كالسكتات القلبية، ونوبات الصرع …الخ، وخرجوا باستنتاج أن هذه الإضاءة ليست لها أي تأثير أو تغيير واضح مقارنة بالأيام الأخرى التي لا يكون فيها القمر بدرا.
يعني باختصار وخلاصة القول؛ لا يوجد أي تأثير للقمر على الإنسان وعلى حياته، سواء كان هذا القمر بدرا أو غير ذلك.
علمية المد والجزر
تحدث عملية المد والجزر لأن القمر يأثر على الأرض بقوة الجاذبية، فالمنطقة A و D تكون القوة المطبقة عليهم أكثر من المنطقة B و C، وبالتالي يحدث المد والجزر ليس فقط بسبب جاذبية القمر والشمس (رغم أن الشمس لا تلعب إلا دور صغير جدا في عملية المد والجزر) بل بسبب الفرق بين القوة المطبقة في A و D وبين B و C.
فإذا كان فارق القوة معتبرا (القوة بين C و A) يحدث بسبب ذلك ظاهرة أو عملية المد والجزر، ولأن الأرض (من المنطقة B) انسحبت قليلا تجاه القمر، فمستوى البحر في المنطقة C سيرتفع قليلا، وسيحدث هناك مد وجزر في كل مرة يدور فيها القمر على كوكب الأرض، إذ يكون المد والجزر قويا في المناطق A و C، بينما منخفضا في المناطق X.
لماذا لا يحدث المد والجزر في البحيرات ؟
ربما يتسائل العديد من الناس، لماذا لا يحدث مد وجزر في البحيرات أو في أحواض السباحة … والجواب بكل بساطة هو أن هذه البحيرات وأحواض السباحة لها حجم صغير وغير كافي لكي تتأثر به جاذبية القمر، فالمد والجزر لا يحدث إلا على المساحات الكبرى بما في ذلك المحيطات.
أما بالنسبة للإنسان، فطوله الذي لا يتعدى المترين، لن يسمح لجاذبية القمر بالتأثير عليه إطلاقا، لأن فارق القوة من طرف القمر على رأسه مما هو عليه على رجليه ليس بمساحة كبيرة ومعتبرة، وبالتالي كل تلك الاعتقادات هي كلها خاطئة، سواء كان القمر بدرا أو غير ذلك.
خلاصة
لا يأثر القمر على الانسان بأي شكل من الأشكال وبأي حال من الأحوال، لا من ناحية الإضاءة ولا من ناحية الجاذبية (مد وجزر على دم الانسان وكل تلك المعتقدات)، فالمد والجزر لا يحدث إلا على البحار والمحيطات (أي المساحات الكبرى).
و على الإنسان الزوهري؟