يعتبر كتاب الأب الغني والأب الفقير من الكتب المشهورة والتي بيعت منها العديد من النسخ، كما أنها ترجمت إلى العديد من اللغات بما في ذلك اللغة العربية.
الكتاب بكل بساطة يحكي عن الذكاء المالي ويوضح العديد من الاختلافات في طريقة تفكير الأغنياء والفقراء، والفروقات التي يفترقون فيها سواء في الحياة الشخصية أو المهنية أو المالية. يبدأ الكاتب بطرح هذه الفروقات بأمثلة من الواقع الذي كان يعيش فيه، فقد كان أباه الحقيقي (الأب الفقير) موظف مع الدولة، بينما أباه الغني، وهو أب صديقه، كان يملك شركته الخاصة.
يُعلِّمنا كيوساكي العديد من الدروس بتوضيحه لهذه الفروقات وطرق التفكير المختلفة بين الأب الغني والأب الفقير، تاركا القارىء يحدد أيهما يختار وأيهما له الحق في اختياراته وأفكاره. فمثلا الأب الفقير كان ينصح بإكمال الدراسة والحصول على درجات عالية من أجل الحصول على وظيفة جيدة، بينما الأب الغني كان يقول أن على التعليم أن يستقل عن ارتباطه بالمجال المهني، وكان يشدد على بناء المشروع الخاص بدل الإعتماد على دخل مستقر من وظيفة مهنية حتى لو كانت جيدة.
الكتاب لن يجعلك غنيا طبعا، ولا يشبه كتب التنمية البشرية الأخرى “العاطفية” ـ كما أسميها، لكن كتاب الأب الغني والأب الفقير سيغير نظرتك نحو الأمور المالية والمهنية، وستتعلم الكثير من الدروس التي لم تكن تعلم بها يوما. من بين هذه الدروس نذكر 4 دروس مهمة ستنمي ذكائك المالي إذا فهمتها بشكل جيد:
الدرس 1: الغني لا يعمل من أجل المال
حسنا، قد يكون هذا درسا صعبا لدى العديد من الناس، فقد تعودنا على النظام الرأسمالي الذي يقول أن علينا الحصول على المال من أجل أن نعيش، ومن أجل أن نعيش علينا أن نعمل. طبعا هذا لا يعني أن الأغنياء لا يعملون، فمنهم من يعمل بجد أكثر من اللازم أحيانا.
الدرس هنا هو أن الغني لا يهمه المال، فهو يعمل من أجل هدف معين يريد الوصول إليه، والمال هو فقط طريق سيسعى من خلاله إلى أهدافه، بينما لو أخدناها من منطقل عقلية فقيرة، سنرى أن الفقير يضع أولى أولوياته الحصول على المال، وبالتالي فهو لن يركز على الهدف الذي سيجعله يحصل على هذا المال من الأساس.
مثال واقعي: إلون ماسك (من أغنياء العالم اليوم) كان هدفه قبل أن يصبح ثريا، أن يُسهِّل على البشرية الكثير من الأمور، فقد أنشأ موقع بايبال بدافع تسهيل تحويل الأموال بين الناس دون الحاجة إلى الذهاب للبنك، وبايبال اليوم من أكبر الشركات التي تتميز بهذه الخدمة، وقد أنشأ أيضا شركة تيسلا التي اخترعت سيارات كهربائية ومتطورة تكنلوجيا لتسهيل الحياة على البشر، وللتقليل من التلوث الذي تحدثه السيارات بسبب الوقود.
من هذا المثال، يمكنك أن تفهم أن إلون ماسك لم يكن هدفه في البداية الحصول على الثروة، فقد كان له هدف معين، ودرس العديد من الدروس وقرأ مئات الكتب، وكان يعمل لساعات طويلة في اليوم حتى وصل إلى هدفه، أما الغنى فهو مجرد نتيجة للهدف الذي كان يسعى إليه.
جزء آخر ستتعلمه أيضا من هذا الدرس، هو أن الأغنياء لا يهتمون بالمظاهر، فالمظاهر هي مجرد خدعة اخترعها النظام الرأسمالي من أجل تشجيع الناس على النمط الاستهلاكي الذي يعزز هذا النظام ويبعث فيه روح الاستمرارية. فلو ألقيت نظرة على أغلب أغنياء العالم، ستجد أنهم يرتدون ملابس عادية، ويملكون منازل وسيارات عادية. بينما لو ألقيت مجرد نظرة صغيرة على شخص فقير، ستجد أنه متلهف لشراء أفضل الملابس وأغلاها، ومنازل كبيرة، وسيارات باهرة قد تفوق قدرته الشرائية حتى، وذلك بسبب العقلية الفقيرة التي تربى عليها.
طبعا هناك أغنياء يملكون سيارات باهرة ومنازل ضخمة، لكن هذا موضوع سنتحدث فيه لاحقا، لأن فيه بعض الحيل التي يستخدمها الأغنياء، وقد لا يعود السبب وراء ذلك الاهتمام بالمظاهر.
الدرس 2: المفهوم الحقيقي للأصول
لم أكن أعلم معنى كلمة “الأصول” حتى قرأتها في كتاب الأب الغني والأب الفقير ، وقد أعطى الكاتب مفهوما جديدا للمعنى الحقيقي لكلمة الأصول، فالأصول يعتقد الناس بأنها تعني الأشياء التي لها قيمة كبيرة في حياتهم، فمثلا إمتلاك منزل يعتبر من الأصول لدى هؤلاء الناس، لأن هذا المنزل له قيمة كبيرة في حياتهم، ونفس الشيء بالنسبة للسيارة وهاتف جديد … الخ.
بينما كيوساكي يرى أن امتلاك منزل ليس من الأصول، فهو يضعه في خانات الإلتزامات لأن المنزل يتطلب العديد من الإلتزامات المالية كدفع فواتير الماء والكهرباء، والأنترنت، وشراء الأثاث … وغيرها من الأمور.
وبالتالي فكيوساكي يرى أن الأصول هي الأشياء التي ستُدرّ عليك بالمال سواء في المستقبل البعيد أو القريب، وهناك عدة أمثلة عن الأصول، فمثلا يمكن للأصول أن تكون عبارة عن أسهم في شركة، أو عقارات تقوم بكرائها أو ببيعها مستقبلا، أو محلات تجارية … الخ.
يقول الدرس هنا، أن عليك أن تغير مفهومك عن الأصول أولا، ثم اعطي الأولوية للحصول على أكبر قدر ممكن من الأصول، لأن امتلاك أصول أكثر سيجلب مالا أكثر. بينما امتلاك سيارة مثلا، سيجلب نفقات أكثر.
الدرس 3: ابدأ مشروعك الخاص
الفكرة الأساسية من هذا الدرس هي أن على الشخص أن يفكر في إنشاء مشروعه الخاص، وأن يمنح كافة تركيزه على شراء الأصول عوضا عن الأشياء التي لن تجلب له مالا في المستقبل.
أغلبية الناس يفشلون عند هذا الدرس، ويبررون أفعالهم بأنهم لا يملكون رأس مال كافي من أجل البداية في مشروع، أو أن المشروع مجازفة والأفضل الحصول على وظيفة مضمونة … وغيرها العديد من الأعذار.
لكن الدرس واضح وضوح الشمس وسيحسن مستواك المالي مع الوقت: سارع بدفع الديون التي عليك، وقم بشراء الأصول في أسرع وقت ممكن، وابدأ مشروعك الخاص.
الدرس 4: استثمر أكثر
كلما استثمرت أكثر، سيدرّ هذا عليك بنتائج أكثر
والمقصود بالاستثمار هنا ليس فقط الاستثمار المالي كالاسثتمار في الأسهم أو العقار … بل المقصود أيضا الاستثمار في نفسك، أي أن تستثمر المال والوقت من أجل التعلم وشراء الكتب والدورات المهمة في شتى المجالات، وتدخُل فيها أيضا الاهتمام بالجانب الصحي والنفسي.
لست بحاجة دائما إلى المال من أجل أن تستثمر في نفسك، فنحن اليوم نعيش في عصر حيث كل شيء متوفر في الأنترنت، من كتب إلكتورنية ودورات مجانية، ومقالات في شتى المجالات. كلما عليك فعله هو أن تبدأ باستثمار القليل من الوقت في التعلم واكتساب المهارات المهمة.
أما من الناحية المالية، فيشدد كيوساكي على الاستثمار، وقد كتب كتاب مخصص عن الاستثمار باسم ” دليل الاستثمار للأب الغني“، سنقوم بتقييمه في مقال آخر.
خلاصة
كانت هذه أهم 4 دروس يمكنك أن تكسبها من كتاب الأب الغني والأب الفقير ، وطبعا هناك دروسا عديدة لن نتمكن من كتابتها كلها في مقال واحد، إذ نترك للقارىء الإطلاع على الكتاب وتعلمها بنفسه.
الكتاب مناسب لكل الفئات، سواء كنت موظف أو مجرد طالب، وسيغير الكتاب نظرتك عن العديد من الأشياء، كما أنه سينمي ذكائك المالي وكيفية التعامل مع الأمور التي تتعلق بالمال.
نقترح أيضا قراءة كتب كيوساكي الأخرى لما لها من دروس مهمة أيضا.